الأربعاء, ديسمبر 4, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةأنقرة ودمشق.. الخيارات الصعبة

أنقرة ودمشق.. الخيارات الصعبة

هاشتاغ-مازن بلال

رغم أن حجم توقعات اللقاء الرباعي في موسكو الذي يجمع سوريا وتركيا وإيران ليست كبيرة، لكنه يوضح أن الأزمة السورية ترسم اليوم خيارات صعبة أمام الجميع؛ سواء على مساحة العلاقات العربية مع دمشق، أو ضمن المستوى الإقليمي وخصوصا في طبيعة العلاقة مع أنقرة بعد صراع عنيف، ورغم أن ما يحدث مازال ضمن حدود الدبلوماسية الروسية لتبريد الأزمة، إلا أنه في نفس الوقت سيضع المنطق أمام مواجهة معقدة مع عمق الأزمة السورية.

التصور الأولي لما يحدث هو نهاية الاشتباك المباشر إقليميا مع دمشق، وفي المقابل يبدو أي لقاء مهما كان شكليا بين سوريا وتركيا تطورا على صعيد تحديد ملفات الأزمة إقليميا، فالوضع السابق كان حربا بأهداف “مطلقة” لا تحتمل المساومة، وهذه الحرب خلقت بذاتها ملفاتمثل اللاجئين على سبيل المثال والتي باتت أزمة بذاتها متنقلة بين دول الجوار الإقليمي، وبالتأكيد فإن اللقاء في موسكو ليس معنيا في هذه اللحظة بحل أي ملف لأنه على المستوى التركي “قفزة” سياسية قبل الانتخابات، وبالنسبة لموسكو هو تنفيد لما ورد في استراتيجيتها للتعامل مع “المساحة الآسيوية”، ويبدو الحضور الإيراني استكمالا للمشهد الذي يريد تقديم مساحة أمن إقليمي جديد، بينما تظهر دمشق ضمن توازن جديد بعد بداية “استنادها” إلى بعد عربي.

عمليا فإن التحرك الدبلوماسي الذي بدأ في موسكو يصعب وضع تصورات له، فهو لن يتحول إلى عملية سياسية في ظل وجود قرارات لمجلس الأمن بخصوص الأزمة السورية، ولن يتجاوز بالتأكيد حساسية التوازن القائم حاليا مع وجود قوات عديدة على الأرض السورية، لكن التحرك في حال استمراره سيواجه خيارين صعبين:

  • الأول نقل الملف السوري إلى علاقة دمشق مع جيرانها بدلا من كونه خلافا بين معارضة بولاءات دولية متعددة مع الحكومة السورية، ورغم أن “طيف المعارضة” لا ينحصر في تركيا، وبالتأكيد هناك تواجد وعلاقات متشابكة مع أوروبة، إلا أن أنقرة تشكل نقطة الالتقاء باتجاه سوريا،رغم بيانات الحكومة التركية قبل اللقاء التي كانت تحاول طمأنة المعارضة بأنها ستبقى حريصة على القرارات الدولية،لكن هذا الأمر أصبح ضمن هامش واسع من المصالحة التي يمكن أن تحملها المفاوضات مع الحكومة السورية.
  • الثاني مرتبط بحل الملفات التي أنتجتها الأزمة في ظل عدم وجود أدوار أوروبية أو أمريكية، فالملف السوري يتم وضعه اليوم في مساحة الانقسام الدولي، فهناك تعقيد جديد تمت إضافته إلى الأزمة، ورغم أن المباحثات تحاول تجنب الاصطدام مع القرارات الدولية ومع المواقف الأمريكية والأوروبية، لكن ما يحدث تستضيفه موسكو بكل خلافاتها مع الأمريكيين، وبتصريحاتها المعلنة بأنها تنفذ استراتيجية جديدة بناء على تصورها لنظام عالمي جديد.

هناك خيارات صعبة على الجميع اتخاذها لانجاح مباحثات موسكو، وهي تبدأ بإعادة رسم الأزمة السورية من جديد، وبالجرأة على بناء توازن مختلف إقليميا، والأهم أن الأزمة السورية بأكملها ستظهر وفق قطيعة غربية مستمرة، ولكنها قطيعة تترقب الاختبار الأول لجهود عالم يسعى لأن يكون “متعدد الأقطاب”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة