هاشتاغ سوريا-وسام كنعان
في الصمت تكمن ذروة البلاغة! هذا بالنسبة لكل حكيم يعرف متى يترّفع عن الكلام، ولكلّ ساذج أيضاً، يغرق مجرد ما أن يفتح فمه في وحل حديثه وتصريحاته! هذا الكلام ينطبق على بعض المشاهير السوريين الذي يحق عليهم التزام السكوت المطلق في حلكة الأزمات والكوارث الكبرى! لا لشيئ سوى أنهم بمجرد تصريحاتهم ستخرب الدنيا! ربما يكفي هؤلاء أن يعتزلوا مفاصل الحياة، ويعيشون بصومعاتهم، بعيداً عن وجع الناس وذلّهم. يحوّطون أنفسهم بهالة واهية من التعالي، رغم أنّ سقف ما يحلمون به، هو أن يلتقط معهم معجب صورة أثناء طريقهم المعبّدة بالإبداع؟!
آخر ما حرر كان تصريح لم نستطع التأكد من صدقيته للممثلة السورية ندين تحسين بيك تقول فيه: «من قلبي سلام لسورية الحبيبة مع احترامي لكل الدول، لكن سوريا تستحق الأفضل من مشاعر المشاهير والفنانين العرب» التصريح لا تشوبه شائبة من ناحية الجوهر والمضمون، لكن توقيته الخاطئ جعله يفهم بطريقة سيئة، كونه خرج في وقت يتضامن العالم كلّه، وعلى رأسه سوريا والسوريين مع الشقيقة بيروت، بعدما هالها دوي أقوى انفجار بتاريخها العامر بالحروب! طبعاً، لأننا نعرف بأن الممثلة السورية تلتزم حالة من الصمت، وتقف على الحياد حتى في ازدحام الأحداث اللاهبة، والمجريات المصيرية، ربما لاعتقادها بأن رأيها غير مفيد وغير مجد، ولن يقدم أو يؤخر. أو قد يكون ذلك نتيجة حالة خجل تعاني منها، إضافة لتلاشي الخبرة الكافية في إدارة العلاقات الإنسانية، فإنها تنكفئ بعيداً عن التصريحات والإعلام والسوشال ميديا، وغير ذلك! لهذا كان علينا أن نتصّل بها لنستوضح حقيقة التصريح وتوقيته الغريب، بعدما تناقلته عشرات الصفحات السورية المعنية بالدراما! لكن كان التقاط رئيس دولة عظمى والتعاطي معه، أسهل من أخذ تصريح من الممثلة السورية. بالضبط قرابة 35 محاولة متكررة من فريق صحافي، حتى تنازلت وردت، وبمنتهى التعالي، تعاطت مع زميلنا كأنه خصم مبين، أو كأنه يقتنص من وقتها الذهبي الذي تمضيه في البحث عن لقاح محلي لفيروس كورونا علّها تنقذ البشرية! سألها الرجل بمنتهى التهذيب عن صدقية التصريح، فنفت قطعياً وقالت: «لا يمكن لعاقل إلا أن يتضامن مع لبنان، وأنها سئلت من قبل شخص فرفضت التصريح، لذا تعتقد بأنه هو من فبرك هذا الكلام الذي لا توافق على توقيته، ولا على مضمونه على حد قولها، وأنها اكتفت بما صرّحت به على حسابها على الأنستغرام» سألها الصحافي ما هي زبدة هذا التصريح؟ فرفضت أن تجيب متذرعة بأنه يجب عليه البحث بنفسه! طبعا يجب التذكير بأننا لم نكن نتحدّث مع ميريل ستريب، ولا سلمى حايك، ولا أنجلينا جوليا، ولا كيت وينسلت! بل ممثلة محلية آخر ما أنجزته دورها في المسلسل الشامي «سوق الحرير» (حنان المهرجي والأخوين الملا) ومع ذلك سمحت لنفسها التعاطي مع صحافي سوري يجرب التقصّي عن حقيقة ما بهذه الطريقة! وللأمانة فقد استغرقت رحلة البحث عن اسم تحسين بيك في الأنستغرام ساعات، خاصة أنه لا علامة زرقاء تميّز اسمها، وهناك مجموعة من الحسابات تحمل نفس الاسم، ولا واحد منها ينقل تصريحاً بخصوص ما جرى في لبنان! بلع الصحافي حدّ الشفرة، وتجاوز الإهانة بالسلوك وطريقة الكلام الاستعلائية، وسألها أن تسجّل موقفها الإنساني لما حدث في بيروت، وأن ترد على الأصوات العنصرية، التي تحرب الشماتة، فرفضت الإدلاء بأي كلمة! شكرها الرجل باسم الموقع وانسحب باحترام! طبعاً بعض المصادر أكّدت لنا بأن التصريح نشر على حسابها على الأنستغرام ومسح، بعد فترة قصيرة نتيجة هجوم السوشال ميديا الكاسح!
عموماً يحق لندين تحسين بيك أن تصرّح بما يعبّر عن شخصيتها وقناعاتها، كما يتاح لها بدون أدنى شك ألا تجيب على هاتفها، وأن تحمي خصوصيتها بالشكل الأمثل بالنسبة لها، لكن يجب علينا فقط تذكيرها بأن الصحافة هي صاحبة الجلالة، و هي كممثلة غالباً ستكون أول من ستلجأ لها هي وزملائها، عساها تحصّل لهم حقوقهم مثلا، عندما يشتغلون وفق عقود إذعان لا يستطيعون تملّك نسخة من هذا العقد، وذلك مع مجموعة منتجين الغالبية العظمى منهم مجرّد أميين يمتلكون القرار الإنتاجي المطلق، ويتحّكمون بمصير أي ممثل من شاكلتها! وعندما نتصل لاستيضاح دقة تصريح لها بدافع مهني بحت، لا يكون ذلك من منطق الإعجاب المفرط بالسوية الأدائية، والمنجز الثري، بقدر ما نتعاطى من مطرح الند الذي لا يقبل أن يعامل إلا باحترام طالما أنه يحترم نفسه ومهنيته!