هاشتاغ _ زياد شعبو
احتشد أكثر من سبعين ألف متفرج برازيلي في ملعب (الماراكانا) الشهير في ولاية ريو دي جانيرو، لتشجيع منتخب بلادهم في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، والخصم هو الأرجنتين أبطال العالم في قطر 2022، في مباراة لم تتزحزح يوما عن عرش المباريات الأكثر متابعة في تاريخ كرة القدم بعيدا عن الألقاب التي تطلق عليها.
في زاوية من زوايا الملعب وخلف أحد المرميين جلس بضعة آلاف من جمهور الأرجنتين، وخلال عزف النشيد الوطني للبلدين، وقبيل انطلاق القمة اشتعلت مناوشات من النوع الذي تشهده ملاعب كرة القدم في جميع أنحاء العالم وعلى وجه التحديد في ملاعب أمريكا الجنوبية لتتأخر المباراة لنصف ساعة عن موعدها.
هذه الحكاية باختصار مضى عليها أقل من أسبوع ولايهم النتيجة ولا البحث في أسباب الشغب و لا حتى من يتحمل المسؤولية؛ جماهير الأرجنتين أو البرازيل..
أقرأ المزيد: صدمتان.. نتيجة قاسية وأداء مخيّب
الأهم هو المشهد الذي تصرف فيه ليونيل ميسي في لحظة والسيناريوهات التي تخيلها في ذهنه وكيف تصرف و كأنه في هجمة حاسمة يعالج فيها كيفية التصرف؛ هل يمرر؟ أم يسدد؟ أم يرواغ؟ ..
ما فعله ميسي أنه حدد خيارين لا أكثر؛ الأول هو التوجه لجماهيره بذروة غضبها و ردة فعلها ومحاولة استثمار نفسه لكبح الغضب، والخيار الثاني الذي اتخذه كان الانسحاب من المباراة مع زملائه لحين معالجة الوضع الخطير.
في النتيجة نجح ميسي في حماية جماهير بلاده وزملائه وفي نفس الوقت ضمن استكمال المباراة وفي النهاية فاز بالنتيجة لحسن تدبيره، حتى أنه لم يطلب تبديله رغم معاناته من إصابة وأصر على وجوده ليستكمل مهمة رسمها في ذهنه .
عبرة و”فشة خلق” !
العبر كثيرة في هكذا نوعية من المباريات ولو أن أي لاعب كرة قدم أو حتى مشجع أو متفرج عبر شاشة لابد وأنه يستفيد.
أنا كلاعب سابق و متفرج ومشجع مازلت أتعلم عِبرا كثيرة، وهذه المباراة تحديدا كانت تلامس ما ينقصنا من انتماء وشعور وطني نقي تجاه المشجعين و الشعب.
ميسي نجم كرة قدم شهرته واسمه تجاوز الأرجنتين منذ عشرات السنين؛ منذ طفولته وحتى هذه اللحظة، لكن هو نفسه لم يتجاوز كونه ابن شوارع روزاريو وابن أحياء الأرجنتين وحلم كل طفل فيها لم يتخلى ولم يتجاوز ..
أقرأ المزيد: الامتحان الأول والفرصة الذهبية
هذا من نحتاجه في كل الميادين، أن نتشبع بقيم صحيحة الانتماء وسوية نفسيا بعيدا عن الغرور والتكبر والتخلي، والتحلي بالإيمان اللازم لتجاوز كل المصاعب، أن نكون أهلاً لمهمة من نوع صناعة الفرح للناس فهذه أسمى قيمة يسعى لها اللاعب، وهذه متعة كرة القدم، ما ينقص لاعبنا الكثير من صناعة كرة القدم، لكن على الأقل لو أنه يشعر بقيمة صناعة الفرح للناس وللبلاد فسعيه لابد وأن يحمل الفرح ولو مرة واحدة .
أن نتعلم ونربي على هذه القيم الأولية من الصغر في بيوتنا وملاعبنا وأنديتنا ليخرج جيل جديد يستطيع تحمل مسؤولية أنه يحمل على صدره علم بلاده وينتظره شعبه غنيا وفقيرا صغيرا وكبيرا …
عندها يكتمل الأمل بصناعة فرحة منتظرة نشعر اليوم أن تحقيقها أصبح ضربا من الإعجاز.