الثلاثاء, أبريل 22, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالتصفيات "الإسرائيلية" في سوريا

التصفيات “الإسرائيلية” في سوريا

هاشتاغ – رأي مازن بلال

 كل الاضطراب الذي تشهده سوريا لا يعني الولايات المتحدة مباشرة، فالمسألة الأساسية بنظر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرتبطة بإعادة ضبط الأوضاع في غزة، وفتح مجال جديد أمام صياغة علاقات الشرق الأوسط بعيدا عن كل تعقيدات الصراع العربي – “الإسرائيلي” القديم، وعلى الرغم من أن هذا التصور الأمريكي ليس جديدا لكنه يظهر اليوم على مساحة من “معادلات القوة” التي تتيح فرض شروط أمريكية مختلفة.

 وفق التصور الأمريكي فإن “إسرائيل” تتحرك لتصفية نقاط الاشتباك مع سوريا بالضغط على “جغرافيا الصراع”، فهي تعيد انتشار قواتها في مناطق الاشتباك القديمة التي كانت سابقا جبهة بين البلدين، وهذا الأمر يتم دون وجود جيش سوري عند الحدود، فالعتداد العسكري لا يعنيها ومهمتها الأساسية هي التعامل المباشر مع الأرض والسكان في تلك المنطقة، وكسر احتمالات العداء في ظل غياب السلطة السورية عند الحدود مع “إسرائيل”.

 في المقابل فإن الولايات المتحدة لا تنظر جديا إلى الشأن السوري فهي تنتظر ما سيحدثه النظام الجديد من معادلات سياسية على الأرض، وبخلاف الأوروبيين فإنها تتريث إلى ما ستؤول إليه الأمر، خصوصا أن دمشق ما زالت محاصرة بأزمات عدة، ابتداء من الجزيرة السورية ووصولا إلى مدينة السويداء، إضافة إلى ما حملته أحداث الساحل السوري من تبعات، فواشنطن التي تركت الموضوع السوري منذ التدخل الروسي المباشر تفضل اليوم التعامل مع التوازنات التي ستحدث من دون أن ترهق نفسها بصراع جديد، ووفق هذه الاستراتيجية فإنها ووفق تصريحات مسؤوليها، تراقب وتنتظر النتائج السياسية.

 عمليا فإن المهمة الأساسية في سوريا هي “إسرائيلية” بامتياز؛ لأنها تغير المعطيات الاستراتيجية لحالة العداء التي تبلورت منذ عام 1948، وتصفي نتائج الصراع على المستوى الدولي، ابتداء من القرار 242 ومرورا باتفاقية فصل القوات وانتهاء بالمفاوضات التي رعتها إدارة كلنتون في نهاية التسعينيات، فالاعتداءات على سوريا ليست لتدمير ما تبقى من بنية عسكرية فقط؛ بل لتبديل المسار الدولي والإقليمي تجاه صراعها مع سوريا أيضا، فالمسألة اليوم باتت في كبح “فرط القوة” التي تستخدمها من غزة إلى الجولان، وليس في “السلام” و”حل الدولتين”.

 الصراع مع “إسرائيل” يتحول تحولا سريعا وعلى مستوى يتجاوز الحالة العسكرية إلى خلق واقع جديد من الاهتمام الدولي، وحتى الحديث عن صراع تركي – “إسرائيلي” على سوريا يدخل في هذا المجال؛ لأنه ينسف كل عوامل الصراع القديمة ويبني أمنا إقليميا قائما على اقتسام المنظومة التي كانت قائمة سابقا منذ نشوء “إسرائيل”.

 تبدأ سوريا مسارا صعبا من دون سقف لاحتمالات التدخلات الإسرائيلية؛ إذ تتم مراقبة عوامل القوة فيها مباشرة، وهذا لا يبدو أمرا ضمن الاهتمامات التي تشغل دمشق على الرغم من أنه العامل الرئيس لبناء الاستقرار، ففي دولة تحمل إرثا من العداء لـ”إسرائيل” وواقعا سياسيا معقدا ومتشابكا فإن بناء القوة سيحدد مصير المجتمع؛ لأن القضية السورية تبدأ وتنتهي بفهم الطموح الإسرائيلي على الرغم من حالات الاضطراب كلها التي تعيشها البلاد.

مقالات ذات صلة