بدأت الحكومة السورية الجديدة عملها بمجموعة من الوزراء الجد الذين في “مركز وزير” لكنهم في الحقيقية هم من الأشخاص ذوي المراكز القيادية السابقة في الوزارة نفسها، فمنهم من كان بمرتبة معاون وزير، ومن منهم من كان بمرتبة مدير عام، ومنهم من تدرج بالعمل الحكومي ضمن قطاع وزارته نفسها بتوليه مراكز قيادية متعددة فيها، ومنهم من بقي في وزارته نفسها بمركز وزير من دون تغيير، ومنهم من تم تدويره ليشغل مركز وزير في وزارة جديدة، وقلة قلة جديدة من الوزراء كانوا من الأشخاص الجدد تماماً على مركز وزير وإن كانوا سابقاً في مراكز عمل عامة أخرى.
ما معنى ذلك في وجهة نظر الإدارة العامة؟ أو ما معنى ذلك بنظر العمل الحكومي؟ وما معناه بنظر المواطن؟
يعني ذلك أن الوزراء الجدد في “مركز وزير” في تشكيل الوزارة الحالية هم ممن لديهم المعرفة التامة، أو شبه التامة، على الأقل بمجالات عمل الوزارة بخبرتهم اليومية في العمل الحكومي ضمن وزارتهم سابقاً، وهم من لديهم اطلاع على تفاصيل الأمور، ومعرفة تامة بالمعلومات وتطورها، وهم على دراية بالموارد البشرية الموجود لديهم كماً ونوعاً، وهم يعملون ضمن هياكل تنظيمية كان لهم دور ما في تغييرها، وهم يعرفون تماماً القوانين الناظمة لعمل وزاراتهم، وهم يدركون بالوقت نفسه تشابكات عمل وزارتهم مع باقي وزارات الحكومة، كما أنهم يعرفون مكامن الخلل بدقة، ويعرفون مراكز الفساد، ويعرفون احتياجات وزاراتهم، ويعرفون ما التغيير المطلوب وما الإصلاح المرجو.
ببساطة شديدة، إنهم على معرفة بصنع وإدارة السياسة العامة، وبصرف النظر عن عمق تلك المعرفة لدى كل منهم.
إنهم الآن أصحاب قرار….أصحاب قرار بالمعنى الدقيق للكلمة وتقع عليهم مسؤولية تطوير الإدارة العامة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ذلك القرار الذي يمنحه لهم الدستور السوري في المادة (38) عنما نص على أن “يمارس رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور” ويمنحهم إياها الدستور في المادة (122) عندما ينص على أن “الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته”،
كما يمنحهم سلطة اتخاذ القرار أيضاً المرسوم التشريعي رقم (20) لعام 2017 المتعلق بالنظام الداخلي لرئاسة مجلس الوزراء في مادته (24) عندما نصت على أن “الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى في وزارته، وهو مسؤول عن مباشرة أعمالها، وعليه تنفيذ خطة الدولة في ممارسة مهامه ضمن حدود القوانين والأنظمة، ويراقب ويوجه عمل الوزارة بما يكفل تحقيق الاستقرار المؤسسي، ورفع مستوى الكفاءة في التنفيذ”،
وبالتالي، ووفق المعطيات السابقة كلها ينتظر من الحكومة الحالية إدارة التغيير بطريقة جديدة تماماً، بطريقة تؤسس لإدارة عامة جديدة، ورؤية جديدة للإصلاح بمعناه الواسع، وحياة أفضل للمواطنين، فإما تكاتف وإرادة حقيقية للتغيير وإما تفكك وتراجع للوراء، إما النجاح وإما العجز.