هاشتاغ – إيفين دوبا
انتقد خبراء في الإدارة واقتصاديون المقترح الجديد الذي طرحته لجنة القرار رقم 43 والمكلفة بمراجعة بعض القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية في سوريا.
وتم التداول في بعض الأفكار المقترحة ومنها زيادة مدة المسار الزمني المقترح ليصبح 8 سنوات لمركز عمل معاون وزير قابلة للتمديد حتى 12 سنة. كما تمت مناقشة مقترح أن يحدد المسار الزمني للمدير العام والمدير الفرعي في المحافظات بـ6 سنوات، ولرئيس الهيئة المستقلة وأمين عام المحافظة بـ7 سنوات، قابلة كذلك التمديد لأربع سنوات لكل من المسارين.
في خانة المحسوبيات
المقترح الجديد الذي تتم دراسته في مجلس الوزراء ليس صائبا من وجهة نظر الخبير الاقتصادي عامر شهدا لتجاهله ربط المسار الزمني بقانون حوكمة وبيانات تقييم الأداء وبالتالي تقع آلية التمديد المقترحة ضمن خانة المحسوبيات والعلاقات الشخصية.
ويقول “شهدا”: “كل وزارة ومؤسسة لديها سياسة وخطة عمل ومشاريع وجدول زمني لتنفيذ الخطة أو المشروع، وأعتقد أن حوكمة هذه المقومات هي الأساس في تحديد المسار الزمني لأي موقع إداري قيادي”.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن وزير ما قد يغير في هيكل الوزارة الإداري تقتضي خطة العمل أو السياسة فريق عمل معين وفي هذه الحالة فإن الاقتراح المطروح يقيد الوزير ويخلق مشكلات فتحديد المسار الزمني يصبح حقا مكتسبا لمعاون الوزير او المدير.
ويؤكد الخبير في الإدارة العامة الدكتور عبد الرحمن تيشوري أن التمديد للمناصب الرسمية في سوريا غير صحيح؛ إذ إن أي ولاية إدارية في العالم لا تزيد على أربع سنوات مع التقييم الدوري خلال العمل.
ويضيف “تيشوري” لـ”هاشتاغ”: “يوجد الكثير من الكوادر التي تحتاج إلى فرص وإثبات الذات لكن المقترح الجديد يعوز ما يسمى بأبدية الإدارة ويغيّب التعاقب الوظيفي”.
ويشير الخبير في الإدارة العامة إلى أن إسناد الوظائف يجب أن يكون معتمداً على معايير بإنشاء ما يسمى “بنك المديرين” من حملة الشهادات العالية مختصين في الإدارة يخضعون لدورات تؤهلهم للمناصب ومنح فيما بعد ما يسمى بشهادة مزاولة المهنة.
الحل في التحفيز ورفع الأجور
خلال السنوات الثلاث الماضية، تزايدت حالات التسرب الوظيفي من مؤسسات الحكومة السورية، لأسباب تتعلق بتدني الرواتب وغلاء المعيشة.
كشفت دراسة استطلاعية نشرها المعهد الوطني للإدارة في دمشق (INA)، مطلع نيسان/ أبريل 2024، عن تسرب ما يزيد 50% من موظفي ست وزارات خلال الفترة الممتدة من 2010 حتى 2022.
ولمواجهة التسرب الوظيفي، اتخذت حكومة دمشق قرارات عدة، شددت فيها من إجراءاتها في قبول طلبات الاستقالة أو منعها بتأثير أي ظرف.
مع ذلك، لم تستطع هذه القرارات إيقاف النزيف المستمر في الموارد البشرية بمؤسسات الدولة ودوائرها، وعزا أمين شؤون العمال في الاتحاد العام لنقابات العمال، جمال الحجلي، ارتفاع الاستقالات إلى الوضع المعيشي السيئ، الذي أرغم الكثيرين على التقدم باستقالاتهم لإيجاد مصادر عمل إضافية، لأن الراتب لا يغطي أجور المواصلات.
ويقول “تيشوري” إن إصلاح الرواتب والأجور هو أول نقطة على طريق حل مشكلة الاستقالات والتي ستؤدي بدورها إلى خلق التحفيز عند الموظف وبالتالي الإبداع في وظيفته وصولاً إلى تسلمه منصب إداري في مؤسسته.
ويضيف: “في حال تم إصلاح الرواتب والأجور يمكن حينها وجود أشخاص نزيهين يبقون في القطاع العام ويحبون مشكلاته.. الآن الظرف السوري ربما غير طبيعي أو مستقر وبالتالي فكرة المسار الوظيفي يجب أن لا تكون بهذه الإطالة”.
ربما استندت اللجنة بحسب قول “تيشوري”، إلى وجود نزيف في القطاع العام خاصة الكفاءات لكن الحل يكمن في البحث عن كفاءات جديدة وتجهيز قادة الصف الثاني والثالث لا التمديد.
وحول هذه النقطة يقول “شهدا” إنه من العقلانية خلق محفزات للاحتفاظ بالموقع الإداري وهذه المحفزات ترتبط بالمقدرة على تنفيذ خطة العمل بوقتها والإبداع والابتكار في ظل قانون حوكمة وقواعد تقييم أداء واضحة.
ويؤكد “مشكلتنا بالقوانين.. ابحثوا بالقوانين التي تطور الدولة قبل البحث بمشروع إصلاح إداري..القوانين هي التي تحدد المسار الزمني للوظائف كافة وبحسب مهام كل وزارة أو مؤسسة إن كانت اقتصادية أو خدمية أو إدارية”.