هاشتاغ سوريا- وسم كنعان
يكشف الممثل السوري عابد فهد في أكثر من مطرح، أن فهمه لفنّ التمثيل لا يتوقّف عند عفويته وفطرية موهبته العميقة، رغم أن مفهوم الأداء المعاصر يتطلب التركيز على هاتين النقطتين.
لكن فهد متكئاً على تاريخه الطويل من دون تخرّجه من أي أكاديمية للتمثيل، أنجز في أدواره واحدة من القواعد الذهبية التي رسّخها المعلّم الروسي فيسيفولد مايرهولد حول تكنيك الممثل، و «البايوميكانيك» (ميكانيكية الجسم).
بمعنى أن يتمكّن الممثل من ترجمة الشعور الدرامي عن طريق الحركة النموذجية، وهو ما يفعله فهد، بتحوّله إلى ماكينة أداء. دائماً يبذل جهوده لفهم حال الشخصية التي يؤديها ويبني لها تاريخاً، ثم يصوغ مع فريق العمل المختص شكلها الخارجي، وربما يركّب لها طبقة صوت ، وأفعالاً مطابقة لجوهرها النفسي، ويبدأ اللعب على فكاهتها وجانبها الطريف إذا كانت تحتمل ذلك، لتكون نتائجه عبارة عن شخصيات نموذجية. بتركيز عال. يتفرّد الممثل السوري بتطعيم السياق الأدائي بنكهة ساخرة. فكلّ من يعرفه عن كثب، يدرك حسّه الكوميدي العالي، وسرعة بديهيته وحرفته في صياغة النكتة! مع ذلك لا يفكّر نجم «الظاهر بيبرس» كثيراً في حالة النجومية التي صنعها، ومؤشراتها الجماهيرية، ولو تباينت بين الصعود في أعمال عربية مشتركة تحكي قصص حبّ ساذجة، أو الهبوط نتيجة الانكفاء نحو مشاريع يفترض أن تكون أعمق من ناحية القيمة الفنية.
يعتبر النجم السوري بأنه صنع خلال ربع قرن تاريخاً فنياً صلباً، بناه بأظافر حفرت في الصخر. أما في حالات الفشل مثلما حصل مثلا في مسلسله «أوركيديا» (عدنان العودة وحاتم علي) فإنه يعزي الموضوع لعدّة أسباب أهمها القصور في التبني اللازم للمقترح الحكائي، والشكل الذي أراد المسلسل أن يطلّ به، إضافة إلى الخيارات الإنتاجية المعقدة وغير المناسبة، خاصة أماكن التصوير.
هذا الموسم يكتفي فهد بمسلسل وحيد هو «الساحر» (كتابة سلام كسيري معالجة درامية حازم سليمان وإخراج عامر فهد) إذ يؤدي دور المنّجم مينا الذي تستضيفه إحدى الفضائيات في لقاء بوح حرّ، يكشف فيها كل معطيات وكواليس لعبة التنجيم والكذب والدجل التي يتبعها، بالاتفاق مع سلطات وأجهزة وشخصيات اعتبارية مرموقة، وما إن ينتهي اللقاء حتى تعتقله القوى الأمنية لتكون البداية منذ الذروة الختامية. ينتهي المشهد فنقرأ عبارة قبل سنتين، ويبدأ المسلسل من جديد بسرد تفاصيل حياة الرجل الذي كان مجرد شخص عادي يشتغل دي جي وهو شاب وسيم وصاحب كاريزما عالية، يمتلك ثقافة واسعة لكن دون أن يلمس المشاهد هذا الأمر بشكل مباشر.