الأربعاء, ديسمبر 11, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارعام على الطوفان.. عام من القتل والدمار والصمود والثبات  

عام على الطوفان.. عام من القتل والدمار والصمود والثبات  

هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد

في مثل هذا التاريخ ومع فجر يوم السبت 7 تشرين الأول الماضي، استفاق كيان الاحتلال الإسرائيلي على “طوفان غزي” جرف معه الجدار الأسمنتي الفاصل المدعم بوسائل استشعار إلكترونية حديثة على تخوم قطاع غزة المحاصر منذ نحو 18 عاماً، وجرف معه نظرية “الأمن بالقوة” التي حاولت سلطات الاحتلال فرضها على الفلسطينيين منذ عقود.

لكن الحرب لم تبدأ في السابع من تشرين الأول 2023 مع بدء عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة حماس وقوى المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في محيط قطاع غزة واستطاعت خلال ساعات قتل العشرات من جنوده وأسر المئات منهم ومن مستوطنيه إلى أنفاق القطاع المحاصر من الجو والبر والبحر.

 والصراع الذي تجاوز عمره اليوم سبعة عقود ونيف، لم ولن يتوقف إلا “بحرب شاملة” أو “تسوية شاملة” أيهما أسبق.

الحرب تسبق التسويات، وهي اليوم شعار الجميع ضد الجميع. أمّا مبادرات التسوية المطروحة الآن، فلا تعدو عن كونها “وقف إطلاق النار” أو “هدنة لمدة ثلاثة أسابيع” في أحسن الأحوال، بينما القنابل والصواريخ الإسرائيلية التي تضاهي أسلحة الدمار الشامل في شدتها التدميرية تقتل الأطفال قبل النساء والكبار وتدمر الأبنية والمشافي.

وما بين “الرد” العسكري والرد على الرد “ردحٌ سياسي” دولي لا يقدم ولا يؤخر في صراع دموي “ينخرط فيه الجميع” ويتحدث عن “ضرورة تجنبه الجميع”!

ما الحل؟ هل الاستكانة لعدوٍ يقضم يومياً المزيد من الأراضي الفلسطينية وعينه على المزيد من دول الجوار؟ هل التسليم لهذا العدو الذي لا يشبع من الدماء ويرى فيها طريقاً للبقاء؟ هل نجرب من جديد التسويات التي لم يلتزم بها العدو مرة واحدة؟ ماذا جلبت “التسويات” للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية حيث تقبع السلطة الفلسطينية “بلا أي سلطة” سوى التشريفات والتصريحات وملاحقة المقاومين؟

طوفان الأقصى لم يكن سبباً لهذه الجولة من الحرب المجنونة وإن كان العدو الإسرائيلي يتذرع به، بل هي سياسات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في رفض الحياة للشعب الفلسطيني صاحب الأرض، سياسات التصفية قتلاً وتهجيراً واعتقالاً. وحرب الإبادة والتدمير اليوم هي جولة في صراع الوجود الذي فرضه الاستعمار الغربي على شعوب المنطقة بزراعة هذا السرطان في جسد فلسطين قبل عقود.

ونتنياهو الذي يشعر اليوم بفائض القوة التدميرية بعد نجاحه في اغتيال قائد المقاومة اللبنانية أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ومجموعة من قادة الحزب العسكريين بعدما اغتال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال وجوده في طهران، يتحدث عن إعادة تشكيل خريطة المنطقة بنشوة زائفة سوف يصحو منها بضربة تشبه الهجوم الصاروخي الإيراني رداً على اغتيال هنية.

فالعدو الذي أراد مسح كابوس “طوفان الأقصى” من ذاكرة الإسرائيليين ودفنه تحت ركام الدمار الذي ألحقته آلة الحرب الإسرائيلية بالقطاع وأهله من تهجير وقتل وقصف بآلاف الأطنان من القنابل، لم ينجح في محو صورة “الطوفان” الذي ما زال اليوم يقض مضاجع الإسرائيليين ويستنزف قدراتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية بعد أن تحرّكت “ساحات الإسناد” لتصبح ساحات اشتباك حقيقي مع العدو.

والقنابل والصواريخ الفراغية التي تدك بها طائرات العدو الإسرائيلي أحياء ضاحية بيروت الجنوبية وقرى وبلدات عدة في لبنان، وإن كانت تظهر قوة العدو التدميرية وقدراته التقنية والاستخباراتية، فهي لن تستطيع حسم معركة يقف جيش العدو على أعتاب الجنوب اللبناني منشغلاً بسحب قتلاه وإجلاء جرحاه، في حين يختبئ ملايين مستوطنيه في الملاجئ.

نتنياهو الذي مارس خلال السنة الماضية سياسة الأرض المحروقة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لم يستطع تحرير أسراه من قبضة المقاومة ولم يستطع أن يحصل على تنازلات من المقاومة، والأمر نفسه في الضاحية الجنوبية وعلى الرغم من اغتيال قادة المقاومة لن ينجح في فصل جبهة لبنان عن دعم وإسناد المقاومة في غزة.

هذا الكيان يتعرض اليوم لأقسى حرب يواجهها منذ إقامته على أرض فلسطين، فهو يُستنزف في القطاع وفي الضفة الغربية وفي جنوب لبنان ومن جبهة العراق وسوريا واليمن وإيران، ويعيش نصف المستوطنين الإسرائيليين وفي أحياناً كثيرة جميعهم في الملاجئ خوفاً من صواريخ المقاومة اللبنانية وصواريخ اليمن وإيران والعراق، وغادر مئات الآلاف منهم إلى الدول التي جاؤوا منها.

ليس هذا فحسب بل استطاع اليمن أن يفرض على الكيان حصاراً بحرياً اقتصادياً غير مسبوق من جهة البحر الأحمر، وعدد من دول العالم بدأت تقطع علاقاتها مع الكيان الذي يخضع لمحاكمات دولية للمرة الأولى، في محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الجناية الدولية بسبب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.

لذلك وعلى الرغم من الدمار الذي استطاع الكيان إحداثه في قطاع غزة وفي لبنان والغارات العدوانية على سوريا واليمن، وما يهدد به ضد إيران رداً على الهجوم الصاروخي غير المسبوق الذي شنه الجيش الإيراني على الكيان، فهو اليوم يعيش أسوأ أيامه، بحسب المحللين الإسرائيليين أنفسهم.

ما يجري اليوم وبعد عام من “طوفان الأقصى” يؤكد أن نتنياهو الذي يبشر بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، لن يستطيع حماية مستوطنيه من الصواريخ والمسيرات التي تستهدف الكيان سواء من لبنان أم من إيران واليمن، لذلك فإن خريطة الشرق الأوسط الجديد سواء جاءت بتسوية تسبق الحرب الشاملة أم بعدها فهي لن تكون صناعة إسرائيلية.

مقالات ذات صلة