الخميس, ديسمبر 7, 2023
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

العودة للحوار

هاشتاغ _ مازن بلال

قبل أن يضرب الزلزال سوريا وتركيا كانت العملية السياسية تخضع لإعادة هيكلة، وبدت محاولات إنعاش التفاوض بين أنقرة ودمشق نقطة حساسة لقراءة الألية السياسية التي أشعلت الحرب، ورغم أن الآمال بإنهاء الأزمة السورية عبر تبريد الجبهة السورية – التركية ضعيفة إلا أنها كسرت قاعدة اللعبة السياسية، وأظهرت ممكنات لا ترتبط بالضرورة بمبادرة موسكو لإنعاش العلاقات بين الجارين، إنما بالدخول في مسألة الحوار السوري من جديد دون ضغوط إقليمية كما في السابق.

في اللقاءات الدبلوماسية التركية – السورية التي رعتها موسكو بعد إقليمي لا بد منه لصياغة الأزمة السورية من جديد، وهو عمليا احتواء للقرار 2254 بحيث لا يشكل نقطة صراع بل تحديد لأهدافه بعيدا عن النزاعات الإقليمية، فرؤية هذا القرار الذي صدر في ذروة الأزمة كون بعدين رئيسين:

– الأول جملة مخاوف من إعادة تشكيل سوريا على قياس اقتسام السلطة دون وجود حالة سلم أهلي، فالقرار يقدم صورة للسلام يقارب الحالتين اللبنانية والعراقية التي توزع “السلطة” على مجموعة من القوى مدعومة بحلفاء إقليميين ودوليين.

القرار بذاته هو خارطة طريق لا تعترف بالانخراط الإقليمي في الصراع الدائر، وتبّني الحوار والدستور وصولا للانتخابات على افتراض أن إمكانية الحوار قائمة بغض النظر عن قدرة الأطراف على طرح تصور سوري مشترك، فلقاءات الحوار ليست جديدة لكنها بقيت محصورة داخل كل طرف، وكانت محاولات لخلق إجراءات سياسية يتم تقديمها “عبر وسيط” إلى الطرف الآخر، والخلاصة ظهرت في جولات جنيف التي كانت دفعا للمواجهة السياسية، ومن خلفها “قوى الظل” الدولية التي كانت تضع نفسها كـ”أطراف استشارية”.

– الثاني فهم مختلف للتوازن الممكن على الأرض، وذلك بغض النظر عن كل التدخلات الإقليمية والدولية، فالمعضلة السورية هي في حساسية هذا التوازن وقدرة المجتمع السوري على الاعتراف بنوعية هذا التوازن.

لم يستطع القرار الأممي الوصول الى نقطة البداية في الحوار ليس لخلل في بنوده إنما بسبب التوازنات المختلفة التي كانت تحكمه، فالسير باتجاه بنوده كان “تدافعا” بين المتنافسين لحجز مقعد ضمن “اقتسام” السلطة الذي كان يحكم الأطراف، وربما ضمن هذه الحالة يمكن فهم أهمية كسر الحواجز على مستوى العلاقة بين تركيا وسوريا، فالمصالح المتبادلة هي بين الدول بينما الحوار هو توازن للسلم الأهلي بالدرجة الأولى واعتراف اجتماعي بالمواطنة للجميع.

يتخلص الحوار اليوم من بعض المخاوف التي حكمته منذ البداية، وبعكس الآلية السابقة القائمة على شروط الانفتاح على سوريا تزامنا مع المباشرة في الحل السياسي، فإن إمكانية الحوار اليوم ربما تكسر القاعدة لتضع الطيف السوري أمام بناء “عقده الاجتماعي” أو بالتعبير الجيوسياسي تشكيل التوازن السوري العميق.

هناك خطوط حوار قديمة استندت أساسا لتصورات مسبقة محكومة برؤية إقليمية ودولية، واليوم ربما نستطيع كسر المخاوف والدخول في طريق التحدي الخاص بالحوار، لأنه سيغير الكثير من أشكال التفكير بسوريا مهما كانت الظروف أو التدخلات القائمة سياسيا وعسكريا.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة