هاشتاغ سوريا- رأي وسام كنعان
كيف لبلاد مثل الشام ألا تعيش عصر اعتداد، بعد أن حققت إنجازاً أممياً تفوّقت فيه على عواصم عربية رائدة في مجال التكنولوجيا مثل دبي مثلا، وبقية دول الشرق الأوسط، كيف لها ألا تتباهى سيدة المدن، وهي تقطع قالب حلوى احتفالاً بإدخالها جيلاً جديداً من هاتف آيفون؟! دمشق أدخلت آيفون 12 هذا النوع من الهواتف المحمولة الرخيص نسبياً! إذ لا يتجاوز ثمنه 5 ملايين ليرة سورية فقط لا غير، يعني من طرف الجيبة يا مواطن! أدخلته بنفس البراعة التي ابتُدعت فيها الأقفاص لدور الخبز مثلاً، وبذات الطريقة التي أطيحت بها أزمة البنزين بعد تعديل بسيط طرأ على السعر وصل إلى الضعف تقريباً، وبالآلية عينها التي تقنن فيها الكهرباء بشكل متساوٍ بين الأحياء؟!! وكلّ كلام غير ذلك هو جائر، وظالم، وحاقد ومرتهن، وربما عميل، ومن شأنه طبعاً وهن نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي! من يهاجم الحكومة ويقول أنها ليست بارعة نظرته قاصرة حتماً وجائرة ومفترية! الحكومة بارعة فعلاً، ولاعبة ماهرة، ورأس حربة حقيقية مغروسة في أي مكان لها أن تنجز فيه ألم، حتى ولو في ظهر الشعب، طالما أن أداءها يستجلب له الويلات، وربما يثير النقمة ضد كلّ ما هو سلطوي في البلاد! الجوع كافر حسبما ما علّمنا التاريخ، ومن المؤكد أنه مبرر بشكل كليّ لمن يبحث في حاويات القمامة عن لقمته بعد أن كان يملك خبزه كفاف يومه، أن يثور في وجه الشمس إن أشرقت في وقتها، ولا يعنيه ما سيلقاه من سعار وحميم في نار جهنّم الموعودة! ومع ذلك تبقى الحكومة واجهة مرصعة بالمكاتب المترفة، والحشد الواسع من الموظفين، والخدم، ومدراء المكاتب، والسائقين، والطبّالين، والظلال، والمريدين! تستحق حكومتنا الاعتراف بالجهد والدعاء الدائم، لكن ماذا يتضمنه هذا الدعاء؟ فالقلوب المتلفتة المسكونة بالقلق والخوف بذريعة العوز والحاجة أعلم وأكفأ على الجواب!
لن نعرف قيمة مسؤولينا الفاسدين منهم على وجه الخصوص، وهم كثر ببركة من السماء، إلا بعد أن يلفهّم النسيان، ويطيح بهم الوقت، فلو دامت لغيرهم ما وصلت لهم. هكذا، يقول المثل الشعبي الدارج، عندها سندرك أننا نسير نحو الهاوية بسقوط حرّ، وما زال الحضيض بعيد المنال. لكن لماذا كل هذه السوداوية واليأس؟ يقول بعض العارفين بعلم الطاقة وخبراء الحرف، والباحثين عن الأمل في مناهج البرمجة اللغوية العصبية.. عندها سنخفض رؤوسنا أمام بهاء معرفتهم، وعمق قيمهم الفلكية، ونحن نلمح فعلا بنوكاً جديدة تفتتح فروعاً لها في قلب دمشق، وفي أعتى المطارح الاستراتيجية وأجملها، بإطلالات زجاجية ومكاتب أنيقة، رغم أن خبراء الاقتصاد يؤكدون بأن كل البنوك السورية خاسرة في هذا الوقت. كيف يحدث ذلك لا أحد يعرف! أو نعرف وعلينا واجب الصمت المطبق هنا، المهم أن الحياة تستمر ومكاتب تحويل الأموال تزدهر، وموظفي إحدى هذه الشركات صاروا أهم من عمّال محطات الوقود أيّام الأزمة! طالما أن غالبية الشعب يعيش هذه الأيّام على الفتات الذي يرسله أبناؤهم، وذويهم بعد أن ركبوا البحر وقصدوا بلاد الله الواسعة، محتملين تهمة الخيانة التي ألقاها ضدهم بعض المتطرفين بقسوة لا تلين!
كذلك سنشيح بوجوهنا ونحن نفتق ونعيد بحديثنا الممجوج عن أزمة السكن وعن أن البيت وطن، سنفعل ذلك إن خطر ببالنا أن نزور عن غير قصد مشروع دمر، لنرى الهجمة العمرانية الملفتة في الجزيرة 16، وغيرها من أوطان لا تعرف سكّاناً إلا من الأثرياءّ! طيب والفقراء ماذا عنهم؟ يكفيهم جمعيات سكنية تنصب عليهم، أو تمنحهم بيوتاً في جيل آخر! على سيرة الجمعيات تخيلّوا بأن أحد المتهمين باختلاس مبالغ كبيرة من جمعية سكينة وهمية، وملفّه مازال موجوداً في القضاء حتى اليوم، وهو من الشخصيات المقززة التي يثار حولها العديد من إشارات الاستفهام، والتهم بأنها من تجّار الحرب كان ضيفاً قبل أيّام على الشاشة الوطنية الرسمية، ليحدّثنا عن الاستثمار الناجع بأملاك الدولة؟! ما الضير في ذلك! ألم يستضف الراحل علاء الدين الأيوبي زوار سجن عدرا المركزي جميعهم دون أن يرف لنا جفن! كأننا اعتدنا نحن معشر الصحافيين على النعيب!