هاشتاغ– أيهم أسد
تضع المجتمعات القوانين بهدف تنظيم النشاط الاجتماعي والسيطرة على الخلل ومعاقبة المخالفين للقواعد العامة، ومثلما تحمل بعض القوانين المواد الرادعة فهي تحمل في بعض الأحيان المواد المحفزة أيضاً والتي تمنح من خلالها الأشخاص الملتزمين بتطبيق محتوى القانون الحوافز المادية والمعنوية.
وتأتي تلك الحوافز التشجيعية المنصوص عليها في بعض القوانين لسببين هما:
الأول: هو رغبة المشرع في تعزيز النزاهة أكثر والمحافظة على تطبيق القانون من خلال دفع الأشخاص القائمين على تطبيقه بعدم خرقه تحت أي ظرف وخاصة عندما يزيد القانون كثيراً من قيمة ونوعية المخالفات المترتبة على خرقه.
الثاني: هو ربط نتائج تطبيق القانون بمنافع فردية للأشخاص المطبقين له، أي أنه كلما طبق القانون أكثر وكانت نتائج تطبيقه أفضل كلما كانت المنفعة الفردية للقائمين على تطبيق القانون أكثر.
ونتيجة لتلك العملية فإن المستفيدين هم ثلاثة أطراف هم:
الدولة: عندما تحافظ على هيبتها القانونية وتحقق العدالة كأحد وظائفها الجوهرية
المجتمع: عندما تنتظم فيه الحياة وتستقر ويسود العدل فيه
الأفراد المطبقين للقانون: عندما يحققون منافع مادية ومعنوية أكبر مع كل تطبيق فعلي للقانون.
لكن هل ينطبق ذلك التحليل على الحالة السورية؟
في الحقيقة هو غالباً لا ينطبق، وذلك التوازن بين الدولة والمجتمع والفرد يجري خرقه باستمرار وخاصة كلما كانت النتائج المترتبة على خرق القانون أكبر، أي كلما كانت العقوبات المتوقعة من تطبيق القانون أكبر، ويعود ذلك إلى الأسباب التالية:
الأول: أنه كلما زادت تكلفة تطبيق القانون (النتائج المادية والمعنوية لخرق القانون الممثلة على شكل عقوبات) كلما كانت تكلفة الفساد لتجاوز ذلك الخرق أعلى بكثير وهنا يدخل الأشخاص المطبقين للقانون في حالة تفاوض مع المخالفين له، فإما تحمل نتائج كبيرة لتلك المخالفة أو الخلاص منها عن طريق الفساد والذي غالباً ما تكون تكلفته أقل من تكلفة خرق القانون.
الثاني: هو ضياع فكرة العقد الاجتماعي وعدم ثبات مفهوم الحقوق والواجبات والإحساس بأن العمل على تطبيق القانون لا معنى له ضمن منظومة عمل عام تتسم بالخروقات المستمرة والفوضى المستمرة، الأمر الذي يعزز النظرة الذاتية للمنفعة ويعلي المصلحة الفردية على المصلحة العامة.
الثالث: هو تردي الحالة الاقتصادية العامة مما يحول أي ارتفاع في تكلفة مخالفات القانون إلى مصدر دخل أكبر لبعض القائمين على تطبيق القانون أي أنه يزيد من تكلفة الفساد.
الرابع: هو ضعف منظومة المساءلة والشفافية في الإدارات العامة وضعف منظومة الإدارة الإلكترونية التي يمكن من خلالها إبعاد العنصر البشري أكثر عن المعاملات.
لكن ما الحل؟
أعتقد أن الحل له مدخلين أساسيين هما:
الأول مدخل مادي مباشر يقوم على أساس التعديل الجذري لنظام الرواتب والأجور بحيث تمنع الأجور العالية والتي تلبي الاحتياجات الانسانية عمليات الفساد وعندها لا تصبح لتكلفة الفساد أي إغراءات نفسية أو اقتصادية.
الثاني مدخل قانون تنظيمي يتعلق بتعزيز النزاهة والمساءلة والانتقال للعمل الرقمي بشكل أكبر.