الأربعاء, فبراير 12, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةتقدير موقف.. مشهد عسكري غير مسبوق

تقدير موقف.. مشهد عسكري غير مسبوق

هاشتاغ – مازن بلال

 عام 2012 كانت المواجهات العسكرية تجري في بيئة غير واضحة، الأمر الذي استدعى استنفارا على المستوى الاجتماعي، فظهرت مجموعات مساندة مختلفة انتشرت في معظم المدن، وبخلاف هذا التاريخ القريب، فإن المعارك اليوم يقوم بها الجيش فقط، وبصرف النظر عن المشهد الذي يبدو غريبا لسرعة اختراق “هيئة تحرير الشام”، فإن الساحة العسكرية مفتوحة للجيش فقط الذي تجنب الدخول بصراع مفتوح للحفاظ على المدن.

 عمليا فإن الصعوبات العسكرية التي يواجهها الجيش السوري تبدو في التركيز الذي تعتمده “هيئة تحرير الشام” على اختراق الجغرافيا فقط من دون تمركز واضح، وفي الوقت نفسه إدراكها خشية الجيش من المعارك المفتوحة في المدن، فالخرق الذي سجل أمس في حماة يشكل مثالا واضحا على طبيعة المعركة، فانسحاب الجيش السريع لم يعنِ انتهاء المعارك في شمالها الغربي والشرقي، وهذا الأمر ينطبق على ما جرى في مدينة حلب، إذ شكل الانسحاب حالة مفاجئة لكنها في الوقت نفسه لم تكن تحمل نهاية للمعركة في ريفها الشرقي على الأقل.

 يتحرك الجيش السوري في بيئة مختلفة عن كل ما شهدناه من معارك سابقة، فهو غير مسنود بـ”قوات رديفة”، وفي الوقت نفسه يعتمد على هيكل مختلف بعد أن أنهت قيادة الجيش سابقا الخدمات لجنود وضباط الاحتياط الذين خاضوا المعارك طوال السنوات السابقة وعلينا هنا رؤية مسألتين:

الأولى: إن المساحة العسكرية التي يتم التحرك فيها قائمة على طبيعة توزع الجيش على جبهات متباعدة، خصوصاً بعد التحركات العسكرية الإسرائيلية قبل أقل من شهر على جبهة الجولان.

الثانية: إن أداء الجيش وطريقة تحرك يجب عدم مقارنتها بالمعارك السابقة طوال الأزمة السورية، فهو يتم بشكل مختلف وظرف أساسي يستند إلى وجوده من دون أي مساندة برية على الأرض، فالمهمة بالنسبة له أصعب بكثير من السابق، على الرغم من أنه يقاتل في ظرف سياسي أكثر راحة عربيا على الأقل.

في المعركة الحالية هناك تصورات مختلفة مرتبطة بالميدان، لكنها تعتمد على خطورة مختلفة، فما يحدث يستند إلى احتمالات بتحولات أعمق على مستوى الواقع العسكري إقليميا، فهو في النهاية كسر بطريقة مختلفة لما ظهر خلال عام كامل في مسألة “ترابط الجبهات”، فهو اختراق كامل للتوازنات العسكرية التي استمرت طوال السنوات السابقة، وفي الوقت نفسه يعيد ترتيب أولويات الدول الإقليمية سواء العراق أو الأردن، فمسألة الانهيارات العسكرية سيترتب عليه تحولات قصوى لن تقتصر على الموضوع السوري لأنها في النهاية تعني تغير الخرائط السياسية.

 يعمل الجيش السوري اليوم ضمن اختبارات قاسية لأنها تقوم ليس فقط في الحفاظ على الدولة بل أيضا في تحديد “الوجود السوري” بالكامل، فالمعارك على الجبهات تبدو غير مقنعة بالنسبة للأحداث العسكرية خلال سنوات الأزمة، لكنها بمقاس التوازنات العسكرية القائمة هي تثبيت الوجود العسكري لمؤسسة الجيش بصرف النظر عن حركته داخل أو خارج المدن.

مقالات ذات صلة