هاشتاغ سوريا_ميسون حداد
هاشتاغ “فاتن” كان الترند الأقوى محلياً خلال ال 24 ساعة الماضية عبر صفحات الفيسبوك، حيث انتشر الفيديو الذي تظهر فيه السيدة “فاتن” وهي تدافع عن زميلها في العمل، وتطلب من مواطنين اثنين، الانصراف ضمن ساعات الدوام الرسمي وبلهجة حادة لا تخلو من إساءة.
في هذه الحادثة، والتي ظهرت عبر الفيديو للعلن، لسان حال كل مواطن سوري يقول:
“القضية مو قضية فاتن! القضية أنّ هذا النموذج من الموظفين الحكوميين، والذين يتعاملون مع المواطنين وكأنهم عبء الأيام على أكتافهم، هو النموذج الأكثر انتشاراً، وهو ابن ثقافة عامة متداولة، القضية لا تبدأ عند فاتن ولا تنته عندها”.
هذا الحوار الذي ظهر للعلن، ويختبئ ما هو أفظع منه وراء جدران المكاتب، يحتاج لتغيير الذهنية من الموظفين، حول العمل نفسه، ودورهم فيه، وهدف وجودهم في المؤسسة. وهذا ليس من باب “التنظير” بطبيعة الحال.
يحتاج أيضاً لرفع قيمة المواطن، الذي بات الذل يلاحقه في أتفه تفاصيل حياته اليومية، بات المواطن اليوم يقبل ولو على مضض وبحرقة، الذل في المعاملة على كوات “الرز و السكر والخبز و المازوت و البنزين و..” على أمل الحصول على سقف الأحلام التموين.
من جهة أخرى علق أحد المواطنين: “يا أخي إذا مو عاجبتكن وظيفتكن وعم تصرخوا بوجه العالم في مليون عاطل عن العمل ناطركن تتركوا الشواغر ليقدم ويتوظف”.
ومواطن آخر يقول: “مؤسسات الدولة هي ملك للشعب ونحن كشعب نطالب بأشد العقوبات القانونية على متل هيك تصرفات لتكون عبرة لمن اعتبر، لأن دائماً المواطن هو يلي مهدور حقو، وبطالعوا الحق مع الموظف وبطالعوه من القصة متل الشعرة من العجين “.
من جهة أخرى، لا يمكن إهمال ما لاقته “المدام فاتن” من تنمر، كان معيباً جداً، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، صحيح أنّ تصرفها لم يكن على المستوى المطلوب في التعامل، ولكن هذا لا يبرر أيضاً الأسلوب اللاأخلاقي، والشخصي الذي تناول به المتنمرون القضية.
تبقى “فاتن” كموظفة هي ابنة مجتمع وابنة صبغة عامة لمؤسسات الدولة وإن كان هناك استثناءات، ليست حالة خاصة. لقد أظهر هذا الفيديو أننا كشعب نحتاج للكثير من رفع سوية التعاطي الاجتماعي والعلاقات بيننا، وأننا لا نتقن ثقافة النقد.
الفارق كبير جداً بين نقد التصرف والمطالبة بالحساب، وبين أن نجعل من الشخص نفسه أداة للتنمر والاستهزاء. كيف لم يقبل المتنمرون أن تعامل فاتن المواطن بهذا الأسلوب وقبلوا على أنفسهم أن يتنمروا عليها بأسلوب أقل احتراماً وأدباً ولا يليق بما تصرفته؟
كيف أجازوا لأنفسهم ما حرموه عليها؟!!
تنقصنا ثقافة الحدود، حيث لكل منا حده الذي يتوقف عندما تبدأ حدود الآخرين.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قد نشرت عبر صفحتها على فيسبوك، توضيحاً تؤكد فيه أن لا علاقة لها بالفيديو، الذي تم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي، بأن تصويره قد تم على أحد منافذ السورية للتجارة.
وكان فيديو عنون من قبل النشطاء بـ”المدام فاتن” أثار جدلاً واسعاً، بعد أن اكتسح وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، ودشن عدد منهم هاشتاغ “فاتن” لإدراج تعليقاتهم على الحادثة، وقالت تعليقات إن الفيديو تم تصويره على كوة منفذ تابع للسورية للتجارة.
ويظهر في الفيديو رجل متقدم في السن وشاب، يطلبان من الشخص المسؤول تلبية طلبهما خلال أوقات الدوام الرسمي، وبعد رفض الموظف ” أبو راشد”- كما يظهر في الفيديو- تلبيتهما، ويصر المواطن المتقدم في السن قائلاً: “هلا بدي آخدن لاتسكر بوجهي الباب”.
وتظهر بطلة الفيديو، “مدام فاتن”، لتسأل المواطن عن سبب رفع صوته على الموظف “أبو راشد” ولماذا يكلمه بهذه الطريقة، وتقول بصوت مرتفع أيضاً “بدو ياكل، نحنا بدنا ناكل مو موظفين عبيد عندكن شبكن شبكن ليش هيك عمتحكي معو احكي معو باحترام”.
وتنتهي المشادة الكلامية بقول المدام “فاتن” لهما: “نحن ماعنا اليوم، روح لوين مابدك قلن المدام فاتن وقفت عالباب سكرت الباب ماعاش يلي بدو يقرب عرفيقي ماعاش لسه وتفضل يالله”. وسرعان ما انتشر الفيديو كانتشار النار في الهشيم – إن صح التعبير – مع الكثير من التعليقات المسيئة والمستهجنة للحادثة.
وأجرت إذاعة “شام إف إم” مقابلة مع “المدام فاتن” نشرتها عبر صفحتها على فيسبوك، علقت فيه على الحادثة بأنها لم تقصد الإساءة التي وصلت للناس وكل شخص معرض للخطأ.
وأضافت: “تصرف المواطن مع زميلي في العمل بطريقة غير لائقة” .. وأوضحت أنها طلبت منهم أن يلجؤوا إلى المسؤولين في المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية “حيث جرى تصوير الفيديو”.
وتابعت أنها تعمل في مؤسسة تابعة للدولة ولديها مدير عام، وليتبين المدير ما يجري، وبينت أن المواصلات الطرقية قامت بالإجراءات اللازمة وسألتها عن الحادثة وتفاصيلها.
وأضافت “فاتن” أنها تريد أن ترفع دعوى لأنها تعرضت لتشهير سمعة عبر صفحات الفيسبوك.
وكانت إذاعة “نينار إف إم” قد ذكرت أنها لم تستطع إجراء مقابلة مع الموظفة “فاتن” وذلك لأنها بحالة نفسية سيئة بسبب تعرضها للتنمر من رواد الفيسبوك.
وركزت الإذاعة أنّ الوقت الذي جاء فيه المواطنان هو وقت دوام رسمي، حيث يجب أن يكون الموظف على رأس عمله، وضمن وقت الدوام ولا يحق لأي أحد أن يغلق الباب في وجه أي مواطن.