Site icon هاشتاغ

خيمتنا عارنا .. وعارنا ليس خيمة

هاشتاغ-ديانا جبور

الجنس والحروب ثنائية وشيجة رغم تناقضها ، فبينما يعيد الطرف الأول من المعادلة إنتاج الحياة، يقوم الثاني بإبادتها.. لكنهما مع ذلك مترابطان، وربما الأصح أن نقول بل إنهما لذلك مترابطان، حيث تثبت الإحصاءات زيادة المواليد في الدول والمناطق التي تشهد حروبا بنسبة تفوق نسبة الوفيات والضحايا.. والإنجاب يكون بطبيعة الحال ثمرة علاقات حب أو علاقات عابرة، لكنها بالحالتين تترجم شهية الناس لمتع تزداد أهميتها مع التهديد بالزوال والتلاشي لحاملها، أي الحياة نفسها.
شهية غريزية تتحول إلى نهم وجشع دفعت بالنساء إلى ابتكار وسائل ضغط فريدة لتعطيل آلة الحرب.. وهنا تتصدر تجربة نساء رواندا المشهد حيث اتفقن على إضراب مبتكر وحساس بامتناعهن عن ممارسة الجنس مع رجالهن طالما أن الحرب الأهلية مستمرة.. يقال إن وسيلة الضغط هذه قد أتت أكلها، وها هي الآن رواندا تتصدر قائمة الدول المثالية والنموذجية بعد اقتتال وحشي أودى بمئات الآلاف من مدنييها.
إن المقاربة المبتكرة لموضوعات مزمنة بحد ذاته شهادة ميلاد شرعية ( طالما أننا نتحدث عن الإنجاب والعلاقات العاطفية)، أما التناول المكرر أيا كانت درجة نبالة الموضوعات، فهو الوصفة المضمونة لقطع حبل السرة مع الموضوع ومع العمل الفني الذي يقاربه.
هذه الجدة، وبالتالي المشروعية هي ما يميز الفيلم القصير (خيمة 56) للكاتبة سندس برهوم والمخرج سيف الشيخ نجيب.. وهنا لابد أن نسجل للمؤلفة بحثها عن زاوية جديدة لمقاربة موضوعة مخيمات اللجوء، فبدلا من خطاب الاستعطاف والإشفاق الذي درجت عليه أعمال كثيرة، لجأت الكاتبة إلى تقديم شخصيات من لحم ودم، محببة، تتمسك بالشرط الآدمي للإنسان في محيط يفتقد للحد الأدنى من الإنسانية.
تيمة الفيلم على نسق تجربة رواندا، تتمحور حول رفض نساء المخيم إقامة صلات حميمة مع الأزواج تحت تهديد الخوف من استيقاظ الأطفال، ما يجرد الحالة من حميميتها ويجعل الفعل العاطفي أشبه بارتكاب جرمي يجب أن يكون مسروقا من لحظته، وأن يتم بسرعة وصمت .. وطبعا تحت جنح الظلام.. وهكذا تتفتق أذهانهن عن حل مبتكر بتخصيص خيمة لمعاشرة الأزواج.. لننتقل من الاستجداء والميلودراما التي وسمت الأعمال التي تناولت المخيمات، إلى ضفة اللايت كوميدي مع إرادة حياة أشبه ما تكون ببرعم أخضر يستطيع أن يشق لنفسه طريق حياة من بين شقوق الإسفلت أو الجدران الكتيمة.
فيلم يجعل من السوريين رغم شظف العيش طلاب حياة ومحتفين بها، أناسا يصرون على الرهافة والأناقة، رغم قلة الإمكانات. يرفضون كل أنواع الاغتصاب سوى اغتصاب الابتسامة .
خيمة الحب صومعة لا عار..
Exit mobile version