السبت, يوليو 27, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارسقف الصراعات..

سقف الصراعات..

مازن بلال

وصلت الأزمات كافة في شرق المتوسط إلى حدودها القصوى، وبات البحث عن سويات جديدة للصراع مسألة مستحيلة ابتداء من “حرب غزة” ووصولا إلى الأزمة السورية، وعلى الرغم من عدم وجود ترابط ظاهر بين النزاعات القائمة كافة فإنها في المجمل تدور في مساحة مغلقة، وضمن حدود واضحة لا يمكن تجاوزها نتيجة عجز الجميع عن خلق اختراق، عسكري على الأقل، وسط حالة من الأمن الإقليمي المنهار.

 

النموذج الأخير الذي ظهر في غزة كشف عجز النظام الإقليمي عن توفير الحد الأدنى للاستقرار، فـ”إسرائيل” مع تفوقها العسكري والمساحة المفتوحة أمامها دوليا لممارسة أقصى حالات العنف؛ غير قادرة على إيجاد مخارج سياسية واضحة، وفي المقابل فإن مأساة غزة أيضا لم توفر فرصة فلسطينية لإعادة “التجميع السياسي”، عربيا وفلسطينيا، لفرض معادلة سياسية تعيد “تظهير” الدولة الفلسطينية من جديد.

 

في البعد الإقليمي الأوسع دخلت إيران في الصراع مباشرة، لكنها في الوقت نفسه أبقت حدود تدخلها ضمن المساحة التي لا تصل إلى مستوى الحرب الإقليمية، والرد “الإسرائيلي” أيضا حاول عدم خلق وضع يتجاوز الموقف الدولي من مسألة التصعيد، فبصرف النظر عن كل ما قدمه التوسع العسكري لكن السياسة بقيت في القاع، وفشلت المعطيات الإنسانية كلها المتراكمة في غزة عن خلق أفق جديد لمسألة الدولة الفلسطينية، وعجزت أيضا عن رسم ملامح لانطلاقة النظام العربي الجديدة.

 

والمسألة تبدو في كسر معادلات القوة التقليدية، وربما بأدوات رسم السياسة التي ما زالت تقف عند حدود خريطة الصراعات القديمة، وأسيرة التوقف عند التوازنات القلقة التي تم اعتمادها في مرحلة الحرب الباردة، فتجميد الأزمات الذي طال مساحات الشرق الأوسط كلها، من العراق سوريا ولبنان، وصل إلى “إسرائيل” التي تبدو اليوم متعثرة في خلق مساحتها السياسية على الرغم من تفوقها العسكري، والغطاء الدولي الممنوح لها لممارسة أشكال العمليات العسكرية كافة سواء في غزة والضفة الغربية، أم حتى على مستوى الإقليم.

 

ما هو مفقود اليوم؟ هو الأفق السياسي، واختراق معادلة القوة العسكرية إلى معادلة مختلفة ترتبط أكثر بتجاوز الأدوات القديمة في الصراع، فكسر الإرادات ليس ممكنا ضمن المشهد الإقليمي العام، وإعادة رسم المعادلات الإقليمية يحتاج إلى جرأة السياسية لن تتبناها “إسرائيل” كونها تحمل غطاء دوليا، بينما يحتاج “الطرف الآخر” إلى كسر الجمود السياسي، وهو “طرف” لم يعد مُعرفا بوضوح لأنه موزع ما بين “محور المقاومة”، وأطراف التفاوض مع “إسرائيل” لوقف الحرب في غزة، والنظام العربي المنهار عمليا منذ أحداث الربيع العربي.

 

أي خروج من الأزمات السياسية المتراكبة يحتاج إلى ترتيب “الطرف الآخر” وإعادة تعريفه في مواجهة “إسرائيل”، لأن هذه المواجهة هي داخل معادلة دولية وليس فقط تفاوض مع “الجانب الإسرائيلي”، وهي ظهور سياسي لمفهوم “غرب آسيا” بدلا من “الشرق الأوسط” الذي يمثل تاريخا طويلا من التأزم السياسي، فكسر معادلات الماضي ليس صراعا عسكريا إنما تبني مفاهيم جديدة لتوازن يوقف مأساة تتسع اتساعا سريعا، طالت وستشمل الجميع.

مقالات ذات صلة