الأربعاء, أكتوبر 9, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارقراءة حرب غزة من دمشق

قراءة حرب غزة من دمشق

هاشتاغ-رأي-مازن بلال

الاقتراح الأخير الذي طرحه الرئيس جو بايدن لإنهاء الحرب في غزة يظهر أولى مؤشرات تفكيك هذه المأساة، فبنود الهدنة لا تحمل معها حلا إنما خروجا من المأزق الإقليمي؛ إذ لا توجد مساحة سياسية لبدء البحث عن “حل الدولتين” أو استمرار “العملية السياسية”، إنما وقف القتال للتعامل مع أزمة إنسانية تراها واشنطن في “احتجاز الرهائن”، بينما في الجانب الآخر هناك صورة يصعب وصفها لمجتمع تم تمزيقه.
بالتأكيد فإن المقترح الأمريكي لن يكون بالضرورة نقطة انتقال باتجاه وقف الحرب بل “تفكيكها”، وجعلها حزمة تحول للإقليم ولطبيعة العلاقات التي تحكمه، فالحديث الأمريكي يتناول وجود “إسرائيل” في “مساحة طبيعية”، وإنهاء العداء تجاهها بما يضمن صورة للشرق الأوسط ربما لا تختلف كثيرا عن المراحل السابقة لكنها تحمل “شرعية” تصفية صورة المنطقة القديمة.
عمليا فإن الإدارة الأمريكية الحالية، وربما معظم الإدارات السابقة، تنظر إلى أزمات المنطقة بطريقة “التفكيك” التي تحمل معها تحولات عميقة على المستوى الاستراتيجي من دون تغيير واضح في المظهر السياسي، وهذا ما حدث للأزمة السورية تحديدا عندما بدأ مؤتمر جنيف الذي عمق الأزمة السورية على مستوى ما تواجهه الدولة من دون أن يفتح مساحة داخلية لتصفية ما حملته الحرب من تناقضات، فعلى الرغم من أن معظم الحلول السياسية تظهر على إيقاع المعارك فإن التفكير الأمريكي ينظر إليها من زاويتين:
الأولى هي تشتيت نقطة الصدام الأساسية بحيث تصبح التفاصيل هي الأساس في التعامل مع الأزمة، وبشكل يجعل أي حل مرهون بعوامل متشعبة وفي كثير من الأحيان غير مترابطة، وهذا يجعل الحلول هشة لأبعد الحدود.
في حرب غزة أصبحت المعابر هي الأساس في مسألة التفاوض، ووصل الأمر بالولايات المتحدة إلى إنشاء ممر بحري أو حتى السماح بعمليات إنزال جوي، وفي سوريا فإن هم الولايات المتحدة لم يكن متجها نحو تأسيس نقطة بداية للحوار بقدر اهتمامها بتشعبات الصراع سواء بالحرب مع داعش، أم بإيجاد جبهة عسكرية تعمق الصراع سواء في “الجيش السوري الحر” ولاحقا “جيش سوريا الديمقراطي”، وكانت استراتيجية الإنهاك، كما يحدث في غزة اليوم، أساسية في التعامل مع التفاصيل السورية كافة.
الزاوية الثانية تفكيك العلاقات المؤسسة للدولة السورية، وفي غزة تفكيك لجبهة المقاومة عموما، فالحلول ليست توافقات بل عمليات إنهاء العلاقات المؤسسة التي سبقت زمن الصراع.
في نمط غزة نفسه الذي يسعى لإنهاء دور حماس في القطاع، كان البحث في سوريا عن إنهاء دور الدولة بوصفها مؤسسة جامعة للأشكال السياسية كلها، فلم يكن التفاوض في جنيف يتعامل مع طرفين إنما مع تفكيك طرف لصالح أطراف أخرى غير متفق بعضها بين بعض على صورة سوريا.
في الحلول الأمريكية محاولات لفتح أبواب لا ترتبط بعمق الأزمات، فالولايات المتحدة تبحث عن التداعيات المستمرة التي تستطيع بوساطتها خلق تأثيرات مختلفة، وما يحدث في غزة هو توطين الأزمة على الرغم من محاولات إيقاف الحرب، وهي صورة مشابهة لنموذج أمريكي تم تطبقه في العراق وسوريا وغيرها من دول المنطقة.
مقالات ذات صلة