الأكيد، أن 2020 لم يكن مثل أي عام آخر، فقد أصاب فيروس كورونا أكثر من 67 مليون شخص، وأثر على 80 في المئة من الوظائف، ووضع المليارات من البشر تحت حالة إغلاق عام.
وبينما أثرت الأزمة على الجميع بشكل شخصي، فقد شكلت أيضا الأحداث الإخبارية في جميع أنحاء العالم مع تأثيرها على الملايين.
وفي استعراض أبرز 4 قضايا سياسية فقط من 4 قارات، يمكن ملاحظة إثر الفيروس على تغيير تلك الأحداث.
اولا، الانتخابات الأمريكية؛ حيث كان من المفترض أن تبدو الانتخابات الرئاسية مختلفة تماما؛ فتكون هناك تجمعات صاخبة ورحلات مزدحمة خلال الحملات الانتخابية.
وبدلا من ذلك، أدى الوباء إلى تأخير التجمعات الانتخابية، وقبل جو بايدن، ترشيح الحزب الديمقراطي في غرفة شبه خالية، وأصيب العديد من الحاضرين في مناسبة بالبيت الأبيض بالعدوى، بل حتى الرئيس نفسه نقل إلى المستشفى بعد أن ثبتت إصابته.
ويعتقد الخبراء أن هناك أسبابا مختلفة لخسارة دونالد ترامب، لكن تعامله مع الوباء كان أحد أكبر العوامل وراء خسارته.
ثانيا، احتجاجات هونغ كونغ، والتي انشغل العالم في عام 2019 بمتابعة الأزمة فيها، مع ما شهده هذا المركز المالي الدولي من احتجاجات شبه أسبوعية مؤيدة للديمقراطية، وغالبا ما اشتملت على اشتباكات مع الشرطة وإطلاق الغاز المسيل للدموع وفي بعض الأحيان إطلاق الرصاص الحي.
وبحلول عام 2020 كانت شوارع هونغ كونغ هادئة في الغالب وقيدت الحركة واستقال المشرعون المؤيدون للديمقراطية، أو فروا من الإقليم تماما.
ويرى العديد من الخبراء، أن الوباء الذي ضرب هونغ كونغ في كانون الثاني 2020 أدى إلى تراجع المظاهرات في البداية؛ حيث يدرك سكان هونغ كونغ خطورة الفيروس، بالنظر إلى أن لديهم خبرة سابقة مع تفشي مرض سارس عام 2003.
ثالثا، أزمة تيغراي في إثيوبيا، والتي لم يسمع الكثيرون خارج إفريقيا عن منطقة تيغراي في شمال إثيوبيا قبل عام 2020.
لكن في تشرين الثاني الماضي اندلع صراع بين الحكومة الإثيوبية والحزب الإقليمي، جبهة تحرير شعب تيغراي، ما أدى إلى ورود تقارير عن مقتل المئات وفرار أكثر من 40 ألف شخص إلى السودان المجاور، وسادت مخاوف من أن يزعزع القتال استقرار المنطقة بأكملها.
وقد كانت الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة الدستورية التي ظهرت بعد تأجيل الانتخابات الوطنية بسبب كوفيد 19 من مسببات الأزمة.
وتقول تسيدال ليما، رئيسة تحرير صحيفة أديس ستاندرد: “تأجيل الانتخابات هو أحد الأسباب الأساسية لهذه الحرب”.
وعندما تفشى الوباء في آذار الماضي، قبل معظم جماعات المعارضة القرار الأولي للجنة الانتخابية بتأجيل التصويت.
رابعا، الأزمة السياسية في “إسرائيل”؛ حيث بدأ المراقبون السياسيون في نيسان الماضي، يقولون إن الوباء “أنقذ” الحياة السياسية لبنيامين نتنياهو.
فقد أدى نتنياهو لتوه اليمين الدستورية لولاية خامسة ك”رئيس للوزراء” في حكومة وحدة مع منافسه بيني غانتس.
وكانت البلاد في حالة من الجمود السياسي لمدة عام تقريبا، على الرغم من إجراء 3 انتخابات بين عامي 2019 و 2020 حيث لم تتمكن أي كتلة من الحصول على عدد كاف من المقاعد البرلمانية التي تمكنها من تشكيل ائتلاف حاكم.
وفي الواقع، تم في الانتخابات الأخيرة التي جرت في آذار الماضي، دعوة غانتس لتشكيل الحكومة أولا حيث حظي بدعم أغلبية ضئيلة من النواب الذين اتحدوا معه بهدف الإطاحة بنتنياهو.
ويقول أنشل فيفر، المعلق في صحيفة “هآرتس”، إنه مع ذلك “واجهت المعارضة صعوبة في تشكيل الحكومة لأنها جاءت من مجموعة واسعة للغاية من الأحزاب، من القوميين اليمينيين إلى الشيوعيين اليساريين”.
ثم وصل الوباء بينما كان نتنياهو لا يزال يتصرف ك”رئيس حكومة تصريف أعمال”.
ولم تستمر “حكومة الوحدة” لفترة طويلة، فقد انهارت بعد ثمانية أشهر فقط وسط خلاف حول ميزانيات الدولة.
وسيجري “الناخبون الإسرائيليون” انتخاباتهم الرابعة خلال عامين في آذار المقبل، وقد تعهد نتنياهو بالعودة “بفوز كبير”!.