تقرير-أيهم أسد
تدور الكثير من الأسئلة حول إمكانية طباعة المزيد من النقود في الاقتصاد لأي دولة من الدول، وغالباً ما يتساءل الناس: لماذا لا تطبع الدولة الكثير من النقود؟ لماذا لا تقوم الدولة بتوزيع النقود بشكل متزايد على الناس؟ ما الذي يمنع الدولة من تقليص الفقر عبر طباعة المزيد من النقود؟
إن الإجابة على هذا السؤال إنما تتعلق بالكثير من العوامل الموضوعية التي تحكم ظروف عمل أي اقتصاد من الاقتصادات، وبلغة ثانية يمكن القول بأن هناك قواعد علمية يجب أن تخضع لها طباعة النقود في أي اقتصاد.
وبالتالي يمكن صياغة السؤال التالي بشكل مباشر وواضح: ما هي العوامل التي تحدد طباعة وضخ النقد في الاقتصاد؟
ضوابط إصدار النقد
من حيث المبدأ لا يوجد ما يمنع أي دولة من الدول في أن تطبع ما تراه مناسباً من عملتها الوطنية، فالعبرة ليست في طباعة النقود بحد ذاتها والاحتفاظ بها في المصارف المركزية، إنما العبرة في ضبط عملية ضخها في الاقتصاد، وفيما يلي أهم ضوابط إصدار النقد في الاقتصاد.
أولاً – الناتج المحلي الإجمالي: يعتبر نمو الناتج المحلي الإجمالي العامل الأساسي المحدد لما يجب ضخه من نقود في الاقتصاد، أي أن معدل النمو الاقتصادي هو المحدد الأساسي لضخ المزيد من النقد في الاقتصاد.
ومن خلال ذلك المؤشر لا يمكن للبنك المركزي أن يضخ نقوداً في الاقتصاد أكثر مما ينتجه الاقتصاد وما يستورده، والسبب في ذلك أن ضخ المزيد من تلك النقود دون وجود مقابل سلعي محلي أو مستورد سوف يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي حدوث موجات تضخمية في الاقتصاد.
ثانياً- الاحتياطيات الدولية: يعتبر حجم الاحتياطيات من العملات الأجنبية والذهب الاحتياطي الموجود لدى المصرف المركزي وما تملكه الدولة من حصة لها في صندوق النقد الدولي وما تملكه من سندات حكومية من العوامل الأساسية التي تضبط عملية ضخ النقد في الاقتصاد.
فمن خلال مؤشر الاحتياطيات تستطيع الدولة مواجهة زيادة عرض العملة الوطنية الطارئ في حالات الأزمات أو مواجهة عرضها في حالات زيادة الواردات بشكل كبير (التخلي عن النقد الوطني لصالح النقد الأجنبي والذهب).
ثالثاً- نظام التغطية: والمقصود به هو مدى قدرة البنوك المركزية على تغطية النقد المصدر إما بشكل كامل من خلال احتياطيات تساوي قيمة كامل النقد المصدر (نظام التغطية الكامل) أو بشكل جزئي من خلال احتياطيات تعادل نسبة معينة من قيمة النقد المصدر (نظام التغطية الجزئي).
حالة توازن
وبعد الأخذ بتلك الضوابط الثلاثة في اقتصاد يعمل بشكل طبيعي ولا توجد فيه أزمات أو حروب فإن تحقيق التوازن بين تلك الضوابط هو الذي يحدد كمية النقد التي يجب على المصرف المركزي أن يضعها في التداول.
والقاعدة الذهبية النقدية في هذا الخصوص هي أنه للحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار في الاقتصاد (أي ضبط التضخم) فإن معدل نمو العرض النقدي في الاقتصاد يجب أن يساوي معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
فإذا زاد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (3%) مثلاً فإن على البنك المركزي أن يزيد من العرض النقدي (السيولة المحلية) بنسبة (3%) أيضاً وذلك من أجل توليد نقد قادر على امتصاص الزيادة في الإنتاج، وبالتالي ضبط التضخم.