السبت, يوليو 27, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارلبنان وملف اللاجئين

لبنان وملف اللاجئين

هاشتاغ-رأي-مازن بلال

بعيدا عن التحليلات القادمة من لبنان التي تتعلق باللاجئين السوريين، والنزاعات الداخلية بين الأطراف السياسية حول هذا الملف، فإنه يطرح الأزمة السورية من جانب مختلف يرتبط خصوصاً بتفاصيل العلاقات الإقليمية، فالحملات ضد السوريين في لبنان لا علاقة لها بوجودهم أو تأثيرهم في الحياة العامة، إنما بالإطار الذي ظهرت به العلاقة بين بيروت ودمشق منذ أوائل الخمسينيات.
عمليا فإن فتح السفارات كان أحد المطالب اللبنانية التي ظهرت قبل الأزمة السورية، وكانت هذه الخطوة جزءاً من استكمال السيادة وفق المنطق اللبناني، وخلال الأزمة السورية فإن مسألة اللجوء شكلت جانبا أساسيا من إعادة صياغة العلاقة بين البلدين خارج إطار السيادة اللبنانية، فقرار لبنان “النأي بالنفس” لم يكن حيادا تجاه أطراف الصراع في سوريا، إنما محاولة لخلق توازن داخلي بين القوى السياسية اللبنانية، خصوصا أن “حزب الله” دخل في الصراع بعد أن اعتمدت الفصائل المسلحة في سوريا لبنان قاعدةً خلفية، وبدأت بمحاولة إغلاق الحدود بين البلدين.
عملية “النأي بالنفس” لم تكن خطوة قادرة على درء مخاطر الأزمة السورية عن لبنان، فهي خطوة ربما أرضت الداعمين الأوروبيين لأطراف المعارضة السورية، وخصوصاً فرنسا التي كانت في بداية الأزمة ترعى تحركات المعارضة السياسية كلها، وهذه الاستراتيجية اللبنانية جعلت الحدود السورية – اللبنانية مفتوحة لحركة اللجوء، وجعلت الأراضي اللبنانية مساحة لنشاط حركة رعاية اللاجئين، وبقدر ما كان اللجوء السوري في الأردن محدودا ضمن أطر مرتبطة بجبهة عسكرية في منطقة حوران، فإن اللجوء السوري في لبنان كان من دون أي ضوابط، وترعاه المنظمات الدولية، وخضع في كثير من الحالات إلى رغبات بعض الأطراف السياسية التي دعمت المعارضة السورية.
هذا الشكل من رعاية اللجوء ليس بعيدا عن تاريخ لبنان القريب، وخصوصا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عندما شكل قاعدة خلفية لتحركات السياسية السورية كلها المناهضة لبعض أشكال السلطة في سوريا، لكن اللجوء في تلك الفترة كان سياسيا، ولم يكن لبنان بحاجة إلى إعلان “النأي بالنفس”، وتولت السفارات الأجنبية فيها التعامل مع “اللجوء السياسي” السوري، بينما اليوم فإن اللاجئين كلهم تتم صياغة مسألتهم ضمن إطار سياسي لمنع لبنان من بحث هذا الملف مع الحكومة السورية.
بحث مسألة اللاجئين مع دمشق لا يعني فقط اعتراف لبنان بشرعية النظام السياسي، بل خروجها عن “النأي بالنفس” الذي يشكل إزعاجا للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والقضية الخلافية هنا هي في التوازن الداخلي اللبناني وليس في قضية اللاجئين بذاتها، فالمفارقة هي أن الأطراف السياسية التي تضغط باتجاه هذا الملف لا تريد في الوقت نفسه معالجته بوساطة القنوات الدبلوماسية مع دمشق، إنما تسعى لتدويله وجعله مهمة مستحيلة في ظل الظروف الإقليمية.
مسألة اللاجئين السوريين في لبنان هي نموذج لأزمة العلاقات الإقليمية ككل، وليست مجرد “إشكالية” بين سوريا ولبنان، وهي نقطة محورية لقراءة المنظور الدولي للمنطقة كتشكيلات سياسية يمكنها التأثير في العلاقات بعضها بين بعض بطرائق مختلفة، فالإجراءات السياسية والضغوط لن تحل هذا الملف لأنه في النهاية مرتبط بالنظام الإقليمي في شرق المتوسط ككل.
مقالات ذات صلة