السبت, يوليو 27, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارعبد الله مندو.. "الأمير" يرحل بصمت

عبد الله مندو.. “الأمير” يرحل بصمت

هاشتاغ-رأي-زياد شعبو

عندما تسدل ستارة المسرح معلنة نهاية العرض، يسود الصمت لثوانٍ معدودة قبل أن ينفجر صوت التصفيق..

في تلك الثواني تحديدا، ترتبك المخيلة محاولة استشكاف الحدث، أهو نوع من الوداع أم مجرد ختام للعرض.

تلك الثواني لا تكتمل فيها الصورة بوضوح في أذهاننا هي عينها حقيقتنا كمخلوقات عاطفية ضعيفة أمام الذكريات وهشة أمام أشكال الوداع كلها.

أنعيه كما كل صديق نعاه. رحل عبد الله مندو عن الدنيا بما فيها، متنازلا عن عرش محبتنا له.

رحل بصمت من دون أن يكلفنا مشقة العتاب الذي أثقل دواخله حتى أنهك قلبه، وفي لحظة ربانية اختارتها السماء كان موعد الغياب الأخير في المكان الذي يهواه خاتمةً.

أن تشق طريقك بصفة لاعب كرة قدم هو محاولة في سبر المجهول، فقد تبدأ اليوم لاعباً و تعترضك إصابة تجعل من حلمك الصغير كابوسا طويلا، وإن حالفك القدر واستمريت في بذل ما لديك إلى حين تبرز العوائق برأسها وكأنك في سباق لقفز الحواجز مرة تلو مرة إلى أن تنطفئ كل رغبة في الاستمرار.

هذا حال كرة القدم هناك والحال هنا أسوأ على أقل التقدير، الصبر والثقة وما قبلهما الموهبة كانت كل ما يملك “أبو مالك” من أسلحة ليستمر في لعبته المحببة.

ويبرز أحد أفضل من لعب في خط الوسط، ويحجز لنفسه مكانا عزيزا على الرغم من وجود أسماء تاريخية في ذلك الزمن في المركز نفسه.

ولأن الموهبة وحدها لم تكن تكفي فقد فرض نفسه بشخصيته المتواضعة وحضوره المحبب واتقاد ذهنيته في تجنب الآثار الجانبية السلبية كلها التي تلازم شكلاً كهذا من المنافسة.

لقد لعب أكثر مما تكلم في زمن كان فيه الكلام هو سيد اللعبة.

على الرغم من ذلك تكبد صديقي ثقل تواضعه، حتى إنه في لحظة اعتزاله انسحب ببطء من الصورة كي لا يلحظه أحد.

كان يطوي ظله بهدوء كي لا يزعج أحدا، ولم ينتظر سن التقاعد، بل انسحب من المشهد في ذروة يقينه الكروي.

يدخل بعدها معارك أخرى في الحياة، واجهها بصلابة الرجال وإيمان أصحاب القضايا العظيمة، بقي متماسكا من أجل عائلته الصغيرة التي كللها بحبه حتى النهاية.

لقد نال أبو مالك لقب الأمير عن جدارة واستحقاق بذلك التواضع واللباقة والشخصية النقية الطيبة المترفعة عن صغائر الأمور، فكان حضوره في كل مرة مختلفا ومتجددا وكذلك كان وداعه اليوم..

الأفكار الجميلة كلها لا تكتمل يا صديقي، لكنها تدخل الذاكرة وتحتلها عنوة لتبقى ذكرى خالدة .. فوداعا يا أبا مالك.

مقالات ذات صلة