الخميس, مارس 20, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمروسواس الدعم... وما لا تخبرنا الحكومة به

وسواس الدعم… وما لا تخبرنا الحكومة به

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

في كل عام تبدأ فيه مناقشات الموازنة العامة للدولة تكون أرقام الدعم وكتلة الرواتب أول الأرقام التي يتم التصريح بها، وكأن الحكومة تحمّل المواطن معروفاً بالمبالغ التي تنفقها عليه؛ متجاهلة أو غافلة أنها أدت القسم الدستوري الذي أقسمت فيه بالله العظيم أن ترعى مصالح الشعب وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية.

وعند كل أزمة “بنزين-مازوت- خبز- غاز- سلع أساسية” يتكرر التصريح ليعود ويخبرنا “بالتفصيل” كم يكلف الكيلو غرام من الدقيق وكم تبلغ تكلفة ليتر البنزين والمازوت، وحجم الأعباء الثقيلة التي ترزح تحتها الحكومة خاصة في ظل قانون قيصر والحرب والمؤامرة الكونية؛ وكأن الحكومة مصابة بـ وسواس قهري اسمه ” الدعم”.

لكن الحكومة ما لا تخبرنا به هو مبالغ الهدر في المال العام وتكلفة الفساد وحجم الفاقد في الفرص الضائعة، ولم تخبرنا عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن التخبط في السياسات الحكومية، ولم تخبرنا أيضاً بمقدار التهرب الضريبي أو حجم رؤوس الأموال المهربة إلى الخارج..

ما نُشر في الإعلام عن ثلاث ملفات فقط (الاتصالات الخلوية- الجهة المتعاقدة مع وزارة التربية-القروض المتعثرة) كفيل بإعطاء دلالة واضحة بأن مشكلة الاقتصاد السوري -رغم كل ظروف الحرب وتكاليفه- ليست إنفاقاً، المشكلة الحقيقية هي في هدر المال العام وضخامة الاستنزاف في الموارد العامة للدولة، ثلاث ملفات فقط تجاوزت فيها الأموال المهدورة “المعلنة” 500 مليار ل. س والتي تشكل أكثر من 70% من كتلة الرواتب في موازنة 2020، و50% في موازنة 2021.

عندما يكون هدف الحكومة تقليص عجز الموازنة، فلتبدأ أولاً بالبحث عن مصادر الأموال المهدورة، وثانياً التحقق من أوجه إنفاق الدعم، وأخيراً يمكن لها أن تفكر في دراسة تقليص الدعم “أو ما يسمى توجيه الدعم إلى مستحقيه”.

ولا يجب إطلاقاً التعامل مع الدعم بأنه عملية حسابية أو مجموعة أرقام ونفقات مالية، الدعم هو سياسة اجتماعية اقتصادية لا يمكن التعامل معها بمعزل عن سياسة الرواتب والأجور وسياسات الحماية الاجتماعية والحد الأدنى لمستوى المعيشة، يجب النظر إلى الدعم بمنظور شامل، بأنه دعم اجتماعي، بأنه استقرار وسلم اجتماعي.

وإن كان “وسواس الدعم” هو ما يؤرق الحكومة، فليكن تحصيل الأموال المهدورة هو العلاج.. فمداواة المرض تبدأ في علاج الأسباب وليس في تسكين الألم.

مقالات ذات صلة