Site icon هاشتاغ

أحلام قائمة..

أحلام قائمة..

أحلام قائمة..

هاشتاغ-نضال الخضري

تبقى السياسة حالة قاتمة يصعب تتبعها دون فيض من الذكريات التي تكبل “الحلم”، فالخواطر التي ترافق القمة العربية في جدة لا تحمل معها أي بسمة، ورغم كل الحديث الذي يدور عن هذا الحدث لكن “الأحلام” هي مسار آخر يصعب أن تبنيه السياسة مهما حملت معها من “انفراجات”، وفي اللحظة التي التصق بنا الحدث السياسي انهارت آفاق كانت تدفع بنا نحو ممكنات الفرح رغم كل الظروف التي تطوقنا وربما تجعلنا في مساحة ضيقة من الألم.

اعتدنا في الماضي بناء أحلامنا على تصورات السياسة، وتآلفنا مع صورة ملحمية تجعلنا عاجزين عن الحلم خارج الصورة الكبيرة، وآمال التغيير الذي يرافق الخطاب السياسي، فكانت تفاصيل الحياة تتلازم مع الأفكار وسيل المقولات وصفحات الكتب، وكان العشق مقترنا بتصورات تتجاوزنا في كثير من الأحيان، فهناك “أحلام اللحظات المصيرية”، وأشكال من البحث عن ابتسامات متلاصقة وعيون مشدودة لألوان يخلقها الحدث السياسي.. من خلق هذه الحالة؟ هذا السؤال يصعب الإجابة علية في زمن “الحشد” عبر وسائل إعلام تلاحقنا في كل لحظة.

ذاكرة الأجيال تشبه “نسقا” من كلمات متراصة تنطلق من راديو يتابع الحدث، فيصور “لاءات” القمة العربية في الخرطوم كحلم واحد لأجيال مهزومة بعد حرب حزيران، وكان من الصعب الهروب من هذا “النسق” الذي وحد السياسة مع الحلم، أو دفعنا لنجعل من “الحدث العام” مسار يتآلف مع كل تفاصيل حياتنا، فأحلامنا المهزومة هي تصورات سياسية فقط، وهي عجزنا عن جعل حياتنا أكثر حيوية من التغطيات الإعلامية التي غلفتنا بسيل من الكلمات، فما حدث لم يشكل تأثيرا على الرأي العام بل على “الحلم العام” الذي خرج عن إطار الحياة ليصبح “مقولات” وتهويمات نغرق بها.

في زمن وسائل التواصل الاجتماعي لم يتبدل الأمر كثيرا، فنحن حولناها إلى “منصات سياسية” في أغلب الأحيان، ونحاول كسر اللون الجديد في العالم الذي يمنح لكل فرد مساحة إظهار نفسه، وربما من الطبيعي أن تصدمنا الحالة المعاصرة لأنها فردية لأبعد الحدود، بينما يدور معظمنا في مساحات الشأن العام، والأجيال الشابة غير قادرة على فهم التناقض الذي حول منصات التواصل الاجتماعي إلى منابر سياسية رغم أنها حالة تواصل للمتعة بالدرجة الأولى.

حتى نستعيد أحلامنا ربما علينا استرجاع طبيعة الأشياء دون سياسة، فصباحات المدن أجمل بكثير دون “شارة” نشرة الأخبار المستوطنة في آذان الأجيال المخضرمة، والعشق أمتع حين يصبح حلم اثنين في ترتيب لقاء يكسر تراتبية ساعات النهار، ومنصات التواصل يمكنها رسم ابتسامة بدل كونها بيانات حزبية وإعلان مواقف ومبادئ، فأحلامنا لن تعاود الظهور وتدفعنا لممارسة حياتنا العادية إذا لم تنفصل عن سياقات السياسة التي تكبلنا.

نستطيع بناء أحلام الأجيال القادمة بدفعها للإحساس بذاتها من دون تحميلها هموم السياسة من لحظة انهيار الأمبرطورية العثمانية وحتى الزمن الحالي، ومن دون هذا الفصل سنخسر المستقبل ونحن نراقب هجرة من نحب، أو يأس صبية من العشق أو حتى انكسار نظرات شاب وهو يبحث عن فرصة عمل تشعره بالقدرة على الإنتاج.

أحلامنا الصغيرة هي أفق التغيير دون مسار ملحمي يوهمنا بأن الشأن العام هو “متلازمة” كآبة!

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version