Site icon هاشتاغ

الحرية.. مجرد أسئلة

هاشتاغ _ نضال الخضري

أحد أسئلة “الربيع العربي” بقيت طي الكتمان لأنها لم تكن في حساب الإعلام الذي غطى الحدث.

كانت الإضاءة على الحالات التي تدفع للسخط أقوى من البحث عن صور الحرية التي طرحها من نزلوا إلى الشوارع، وأنهوا زمنا وفتحوا احتمالات مختلفة أمام الأجيال التي ظهرت بعد عقد من بدء الحدث العربي.

كانت الحرية صورة منقولة من عقود متتالية، وظهرت على مساحة العقد الثاني من الألفية الجديدة وكأنها حبل خلاص نحو “حرية التعبير”، أو الانتقال إلى لون لم يتم اكتشافه بعد، وعالم من القدرة على التمرد دون حساب هشاشة “بناء الحرية”، والتصورات الهزيلة التي قدمت هذا المفهوم على قاعدة سياسية.

ربما “أفل” هذا الربيع سريعا لكنه أبقى سؤال الحرية مفتوحا كما كان عليه بداية القرن العشرين.

قد يكون علينا تخيل الحرية ورسمها خارج مساحة من الصور النمطية، فهي في كثير من الأحيان “ثمن المسؤولية” والقدرة على تحمل نتائج القناعات، وليست تعبيرا عن رغبات ضد الحكومات تنتهي باللجوء والهجرة كأقسى تعبير عن عدم تقدير ما تحمله الحرية من مسؤوليات، وما تفرضه من التزام بمفهومها كفضاء تبنيه المجتمعات.

وبقدر ما تعبر الحرية عن روح جماعية فهي حالة شخصية وذاتية مبدعة؛ تدرك أن حرية المرأة كمثال هي تبديل لعملية “تسليعها” تاريخيا لكي تغدو ظاهرة إنسانية، وليس مجرد كسر للأعراف وتجاوز التقاليد أو حتى استخدام الجسد لكتابة الحرية وفق تموج الرغبات.

حرية المرأة لم يكن مقدر لها النجاح في ظل تجزئة الحرية وكأنها تحصيل مكاسب، فهذا المفهوم كون “عوالم معرفية” شكلت العالم في البقاع التي هاجر إليها عشاق الحرية في سورية وغيرها.

إشكالية الحرية ليست “ذما” لما يطلق عليه الربيع العربي، إنما محاولة لتحديد موقعها العام، ولرسم شخصيتها التي تحمل معها تصورات تتجاوز كسر القواعد أو الخروج عن المألوف.

هي في العمق إبداع أطلقه الإنسان الخلاق، بينما تبدو التفاصيل الأخرى مثل حرية الجسد تجليات مترابطة مع المفهوم الذي أبدعه الإنسان ورسمته المجتمعات.

وإذا ألصقنا الحرية بـ”الربيع العربي” فلأنه فتح جرحا في الحرية كمعرفة قبل أن تصبح ممارسة.

نحن والحرية رواية نفشل في كتابتها لأننا نحلم بالنهاية قبل البدء في رسم البطل الذي تتمحور حوله، فنجابهها أو نصارعها أو حتى نحلم بها، ثم نفتح نماذج متناثرة من حريات الجسد أو التعبير أو غيرها من المسائل العالقة.

ونعود إلى أول الطريق بعد عقود عبثية من البحث عن ضالتنا المنشودة من الحرية، فتظهر لنا كملمح غامض وسط كسل عدم الإبداع والعجز أمام جعل تلك الحرية حالة من المعرفة المستمرة، ثم نكتشف أننا أخطأنا البداية فنعيد لملمة الجراحات التي لم يخلفها “الربيع العربي” عبثا، بل قدمها كإرث طويل من فهم الحرية كحالات فردية مقتطعة من المجتمعات التي يحلم الجميع بالهجرة إليها.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version