Site icon هاشتاغ

أسبوع من رمضان يكفي

أسبوع

أسبوع من رمضان يكفي

هاشتاغ _ نضال الخضري

سندخل في مفارقة رمضانية تذهب كالعادة نحو الدراما، ففي الشهر الفضيل يبدو الشكل الثقافي الأكثر تميزا يرتبط بالمسلسلات التلفزيونية التي ترافقنا من الصباح، ويستمر بشكل مترافق مع التفاصيل الرمضانية إلى وقت السحور، وعلى عكس الدهشة التي عاشتها الأجيال السابقة التي سحرها التلفزيون خلال رمضان، أو قدم لها تميزا عن البرامج الاعتيادية فإن الأيام التي نستهلكها لم تعد تحمل سوى توتر “الحلقات” المتتالية.

المفارقة أن “الدراما” كأخطر عامل ثقافي يختصر كل التكوينات الاجتماعية تشكل في رمضان عامل تخمة، ربما يشابه محاولات تعويض كل ساعات الصيام بساعة الإفطار، فهذه “التخمة” تتخللها “افتراضات ثقافية”، وربما قضايا يصعب فهمها في سوريا بعد أعوام الحرب وما أوجدته من حالات يجب أن تعالج ثقافيا وعبر الدراما بوجه خاص، فما تم تقديمه عن الحرب في السنوات الماضية هو صور القسوة وليس التفاصيل التي شكلت ثقافة مختلفة للمجتمع.

تبدو المشكلة الأساسية في أننا نترك الدراما لتلامس الصدفة في ظهورها إلى مساحة الإنتاج، وربما لا نقف عند التكوين الثقافي الذي تتركه فوق أشكال الحرب المدمرة، فالرواية التي نشاهدها لا تتعدى الصور التي تحاول الهروب إلى موقع آخر غير سوريا، فهي تتراجع إلى زمن مجهول وأبطال يشكلون “فانتازيا” تراثية إن صح التعبير، أو تنطلق لتحاكي رغبات الحرب المريضة فتغرقنا بالتشويه الثقافي أو حتى بمحاولات جعل الفن أداة قسوة.

نحن أمام مفارقة بين دراما تنتقم من آمالنا وتضع الحرب في سياق من تكسير العلاقات في المجتمع، وأعمال تصور التراث السوري عموما بأشكال لا تحتاج لنقد بقدر احتياجها إلى وضعها ضمن ظاهرة “الإفقار الثقافي”، أو تصوير الماضي بشكل لا يختلف عن الخيالات المريضة للحرب التي عايشنا قدرتها على سحق أحلامنا، فهناك رغبة إنتاجية في جعل التراث ضمن قضية واحدة تدور في فلك “شرف المرأة” وأما الباقي فتتمة لهذا الاختصار غير المفهوم، رغم أن الحكايا الدمشقية على الأقل فيها تلوينات شاهدنا بعضها في أفلام البيئة التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي.

في دراما “العربجي” تبدأ الشارة بأن العمل من وحي الخيال لا ينتمي لزمان أو مكان، وكأننا أمام “ملحمة” إغريقية، لكنها لا تحمل من الملاحم أي رمزية وتكتفي بالهروب من الالتحاق بزمن خاص وبجغرافية محددة، ونموذج العربجي ينتقل إلى الكثير من الأعمال وضمن الاستثناءات في الأعمال هناك “زمان ومكان” مرسومين على نسق يستند فقط إلى بناء “بطل” يحاكي شخصيات الغرب الأمريكي.. والفارق أننا في الشرق المتخم بالحكايا عن شخصيات لا يمكنها اجتراح البطولة بشكل مفاجئ.

أسبوع من رمضان وضعنا أمام الشكل الثقافي “السائل” فظهرت الدراما السورية وهي تحاول محاكاة “قضاياها” الكبيرة بتفاصيل محطمة، وتحمل معا الأحلام المكسرة لأجيال أسست في ستينيات القرن الماضي مساحات ثقافية تبدو اليوم وكأنها حالة سراب وسط دخان الحرب التي استهلكتنا.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version