Site icon هاشتاغ

أنا دفعت رشوة

رأي – أيهم أسد

أعتقد أن الكثير من المواطنين السوريين، وخلال حياتهم اليومية، قد قاموا بدفع “رشوة” لأحد ما في مكان ما ولسبب ما، إما من أجل تسريع إنجاز عمل قانوني وتقليص زمن الإنجاز، وإما لإنجاز عمل غير قانوني أصلاً، أو بسبب تعرضهم لضغوط معينة دفعت بهم لتقديم الرشوة، وفي المحصلة فإن هؤلاء المواطنين قد وقعوا ضحايا لعمليات فساد مالي.

والأهم من ذلك كله أن الكثير من أولئك المواطنين غير قادرين على إثبات تعرضهم للفساد المالي، فلا أدلة مادية مباشرة تثبت حالات الفساد المالي تلك، وبالوقت نفسه فإنهم غير قادرين على الوصول إلى أصحاب القرار من أجل بيان ما تعرضوا له من فساد مالي، ونتيجة لذلك تحولت الرشوة إلى سلوك اجتماعي وأصبحت حالة متجذرة في سلوكيات العمل العام وذلك نتيجة لأسباب مادية وسلوكية وقانونية معقدة ومتراكمة.

فهل يمكن الحد من الرشوة ورفع مستويات النزاهة؟ وهل يمكن لجهة حكومية مركزية أن تلعب ذلك الدور؟ وهل يمكن أن يكون هناك مساءلة حقيقة للمرتشين؟

لو قامت الحكومة السورية اليوم بإنشاء منصة خاصة بمتابعة عمليات الفساد المالي من خلال ما يتم دفعه من رشاوي أينما كان، وبحيث تكون تلك المنصة متاحة للجمهور ولكل الفئات الاجتماعية من مواطنين أصحاب تعاملات عادية يومية مع الحكومة إلى التجار والصناعيين والمستوردين والمصدرين والمتعهدين والمحامين والمهندسين وكل أصحاب المهن.

ويقوم مبدأ عمل المنصة على الإبلاغ من قبل المتعاملين عن قيمة كل رشوة يدفعونها لأحد ما وفي أي منصب كان ومن أية جهة عامة كانت، ويحددون فيها زمن دفع الرشوة وبماذا ارتبطت وكيف تمت مع حقهم في حمايتهم التامة من نتائج ذلك الإبلاغ.

وبالتالي فإنه من خلال تواتر وكثافة البلاغات المستمرة عن الأشخاص والمستويات الإدارية وأماكن العمل التي تتم فيها عمليات الرشوة يمكن للحكومة أن تحدد بدقة مراكز الفساد المالي والأشخاص الفاسدين كما يمكنها أن تحدد مبالغ الرشوة المدفوعة من قبل المواطنين ومن مختلف الفئات ومن ثم يتم التحقيق في وقائع الرشوة ومحاسبة المرتشين أياً كانوا.

ومن ثم تقوم الحكومة بنشر نتائج تحقيقاتها وقراراتها القضائية بحق المرتشين على المنصة ذاتها، فتزداد درجة الثقة بين المواطن والحكومة، وتزداد قوة الردع القانوني للمرتشين، ويزداد مستوى النزاهة وسيادة القانون ويشعر المواطن بمواطنته وبأن هناك حكومة تحميه من الفساد المالي.

ماذا لو جربنا هذه الفكرة؟ وماذا لو سمينا تلك المنصة بمنصة “أنا دفعت رشوة”؟

Exit mobile version