Site icon هاشتاغ

إغلاق قناة السويس… بروفة هزلية لحادثة أكثر مأساوية

يقول الكاتبان ديفيد فيكيلنغ وأنجاني تريفيدي في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، حول جنوح إحدى أكبر سفن الحاويات في العالم في قناة السويس “من الخطأ التهوين من خطورة الحدث، فإغلاق الممرات المهمة للملاحة العالمية يمثل خطراً اقتصادياً، كان وراء التنافس بين الدول الكبرى طيلة قرون. وهو الآن أحد العوامل الرئيسية لتوتر متزايد بين واشنطن وبكين، يشمل كل شيء، من مبادرة الصين (الحزام والطريق) ودعمها لانقلاب ميانمار، إلى نشر أسطول بحري قبالة ساحل الفلبين، وتهديد تايوان.

ويقول الكاتبان “رغم كل ما أسفر عنه استخدام الطائرات، والاتصالات اللاسلكية من تحول في التجارة العالمية في العقد الماضي، ربما يعتبر التحكم في ممرات الملاحة العالمية أكثر أهمية من أي وقت مضى، إذ ينقل عبر البحر حوالي ثلثي تجارة النفط الخام الدولية و80% من منتجات البترول”.

أعطت الجائحة الممرات البحرية أهمية أكبر، وحسب الأرقام، تظل قناة السويس أحد أهم الممرات التجارية في العالم، خاصة لأسيا وأوروبا.

وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ومؤسسة “إس أند بور غلوبال انتليجانس” يمر حوالي 10% من إجمالي النفط الذي ينقل بحراً، و 8% من الغاز الطبيعي العالمي المسال، و20% من حجم الحاويات، عبر قناة السويس وحدها.

وفي 2019، مرت حوالي 19 ألف سفينة عبر الممر، أو 1.25 بليون طن حمولة . وتعبر القناة كل أسبوع من آسيا إلى أوروبا والعكس، مئات الألاف من الحاويات على متن السفن تحمل آلات، والكترونيات، وسلع وسيطة أخرى، ومواد خام.

وقفزت صادرات كوريا الجنوبية إلى أوروبا أكثر من 48% في شباط / فبراير الماضي، تصدرتها بضائع الرعاية الصحية، والسيارات على سبيل المثال.

وزادت الحمولة عبر قناة السويس أساساً بسبب زيادة حجم السفن. فالسفينة إيفرغيفن، وهي إحدى أكبر فئات سفن الحاويات وقادرة على حمل 200 ألف طن، كبيرة للغاية وليس سهلاً أن تمر عبر أي ممر غير مناسب، ويمكن القول إن البحار ضحلة للغاية ولا يمكن أن تتيح لسفن حاويات بحجم السفينة إيفرغيفن المرور عبرها.

وتعد حادثة قناة السويس نقطة ضعف بالنسبة للصين، فإن أي إغلاق للممرات البحرية يجعلها أكثر عرضة للخطر -على عكس الولايات المتحدة الدولة المصدرة للنفط- حيث تستورد الصين حوالي ثلاثة أرباع ما تستهلكه من النفط، وحوالي أربعة أخماس خام الحديد، ناهيك عن معظم صادرات السلع، للحصول على العملة الصعبة لتسديد ثمن هذه السلع.

وجغرافيا شرق آسيا تعني أن مضيقي ملقا، وسنغافورة، وأشباه المضائق التي تمر عبر امتدادات بحر الصين الجنوبي، التي يمكن الملاحة فيها، وتلك التي تفصل تايوان، عن الفلبين، كلها عرضة للعرقلة إذا اندلع صراع.

لذا تسعى الشركات الملاحية للبحث عن طرق بديلة بين آسيا، وأوروبا مثل رأس الرجاء الصالح الأطول أو البحر القطبي الشمالي الأسرع.

وأتاح الاحتباس الحراري، وذوبان الجليد المرور بسهولة أكبر عبر البحار شمال صربيا، لكن هناك عقبات تنظيمية، وجغرافية، سياسية.

ويختتم الكاتبان تقريرهما بأن كل ذلك يعد سبباً مهماً للنظر لحادث قناة السويس بجدية، حتى لو عادت الأمور إلى حالتها الطبيعية بعد أيام قليلة.

وإذا أعاد التاريخ نفسه، فإن المؤمل ألا تكون الأحداث الهزلية الحالية “بروفة” لحدث أكثر مأساوية.

Exit mobile version