Site icon هاشتاغ

اقتصاد “السعرين”.. اقتصاد “الفساد”

هاشتاغ _ أيهم أسد
يثير تعدد أسعار حوامل الطاقة الأساسية في الاقتصاد السوري الكثير من الأسئلة حول إمكانية الحكومة على إدارة تلك الأسعار، أي عن إدارة الطلب والعرض في سوق حوامل الطاقة، ومن المحسوم أمره أن للأسعار في حالة الاقتصاد مرجعيتين أساسيتين هما:
المرجعية الحكومية للتسعير: والتي تصدر فيها أسعار حوامل الطاقة الأساسية كالمازوت والبنزين والغاز من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
مرجعية القطاع الخاص غير المنظم (السوق السوداء) للتسعير: والتي يتم من خلالها تسعير تلك المواد من المحتكرين والمتاجرين بها تبعاً للظروف الاقتصادية والنقدية في الاقتصاد.
ومما يثير الجدل أن أياً من حوامل الطاقة تتوفر بالكميات المطلوبة وبالزمن المطلوب في السوق السوداء، وتستطيع أي منشأة صناعية أو خدمية وأي مواطن الحصول عليها ولكن بسعر السوق السوداء، وهي بالوقت ذاته متاحة لجهات الإدارة العامة بشكل يومي ومستمر ودون انقطاع تقريباً وتحديداً مادتي المازوت والبنزين.
ولو أخذنا طلب القطاع الأهلي، أي المواطنين فقط، فإن من المحسوم أمره أن أي مواطن يستطيع:
الحصول على المازوت فوراً ولكن بسعر أربعة آلاف للتر الواحد، والحصول على البنزين فوراً لكن بسعر ثلاثة آلاف وخمسمائة ليرة للتر الواحد، والحصول على أسطوانة غاز فوراً لكن بسعر مئة ألف ليرة للأسطوانة الواحدة، وبالنتيجة فإن كل المواطنين يستطيعون بشكل أو بآخر تلبية احتياجاتهم من حوامل الطاقة بسعر السوق السوداء.
كل منشآت القطاع الخاص الإنتاجي والخدمي وبغض النظر عن حجمها تستطيع تلبية احتياجاتها من حوامل الطاقة وبسعر السوق السوداء.
كل جهات القطاع العام قادرة على تلبية احتياجاتها من حوامل الطاقة لكن بالسعر الحكومي.
وبالتالي فإن العرض الكلي لحوامل الطاقة على مستوى الاقتصاد متاح كونه استطاع تلبية الطلب الكلي للقطاعات الثلاث الأساسية (العام والخاص والأهلي)، لكن كيف يتاح العرض الكلي على مستوى الاقتصاد من قبل السوق السوداء ولا يتاح من قبل الحكومة التي هي المسؤول الوحيد عن إنتاج واستيراد وتوزيع حوامل الطاقة؟
وبشكل آخر: إذا كانت الحكومة هي المسؤول الوحيد عن إنتاج واستيراد وتوزيع حوامل الطاقة فكيف تتسرب كل تلك الكميات منها إلى السوق السوداء؟
لا يمكن تفسير تلك الحالة إلا بعاملين أولهما “سوء إدارة العرض” وثانيهما “الفساد” المركب بين بعض أشخاص الإدارة العامة وتجار السوق السوداء، وبالتالي لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا بتوحيد الأسعار أولاً وإدارة العرض السليمة ثانياً وضرب الفساد ثالثاً.
Exit mobile version