Site icon هاشتاغ

بانتظار شحنات القمح المستوردة: نسبة فطر “الآرغوت” السام تُثير الشبهات

الآرغوت
هاشتاغ_ إيفين دوبا
مرّة جديدة، أعطى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم “دفعة أمل” حين أعلن أنّ “الأمن الغذائي مؤمّن وأكثر من ممتاز”، لافتاً إلى “جهود الحكومة لتأمين كميات كبيرة من القمح“.
وحسب تصريحات الوزير، فإنّه لدينا حالياً 275 ألف طن من القمح، وهي تكفي لنهاية الشهر الرابع من العام الجديد، إضافةً لوجود كميات كبيرة تمّ التعاقد عليها في طريقها إلى سورية، وعددها أكثر من 9 بواخر، وقيمتها مئات المليارات.
الخبر الجيّد استناداً إلى كلام الوزير هو أنّ القمح سيكون متوافراً، لكنّ الأهمّ، ما يدور من أحاديث عن دفعات من القمح المصاب بـ”الآرغوت”، والخسائر التي تتكبّدها الدولة عبر تحميلها “ثمن” تلك الدفعات، وبعضها وصل بالفعل، كما أكدت مصادر خاصة ل”هاشتاغ” وهي تقدّر بالملايين!.
ويلح سؤال آخر في هذا السياق: هل يتمّ حرق النواتج أي “النفايات والنخالة بعد الغربلة والتي يمنع بيعها كعلف كونها قد تكون قاتلة”، وماهي آلية مراقبة الحرق، وكم يكلّف الدولة من خسائر، خاصةً بعد وصول معلومات إلى “هاشتاغ” عن تورّط حوالي 8 موظفين في أحد فروع “السورية للحبوب” في قضية فساد خاصة بحرق نواتج إحدى دفعات القمح المستوردة الواصلة إلى البلاد؟.
النسب ضمن السليم!
بدايةً، حاول مدير عام مؤسسة الحبوب، عبد اللطيف الأمين، الدفاع عن مسألة وجود شحنات من القمح مُصابة بفطر الآرغوت، كاشفاً في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” بأنّ نسب التحاليل الأخيرة التي قامت بها الوزارة تفيد بأنّ نسبة فطر الآرغوت ضمن “النسب المعقولة والصالحة للاستهلاك البشري”، وبالتالي وحسب قوله، فإنّ “النسبة المتناقلة.. مشبوهة”!.
في الوقت نفسه، لفت الأمين إلى وجود مخابر خاصة لإجراء التحاليل على عينات القمح من قبل وزارتي الزراعة والصحة، ضمن البواخر، تعمل على إجراء ما يلزم من تحاليل لفحص الشحنات، مؤكداً، أنّ الحكومة ترفض إدخال أي شحنات غير مطابقة للمواصفات الصحية.
هذا، وتبلغ النسبة المسموح بها من الفطر (2 في العشرة آلاف)، حسب قول الأمين، مؤكداً أنّه “حتى الآن لا يزال وضع نسب الشحنات بالسليم”، ملقياً باللوم على “بعض الناس العبثيين الذين يروّجون لتلك الشائعات”.
ولدى سؤال الأمين، عمّا وصل إلى “هاشتاغ” من معلومات عن تورّط أحد فروع المؤسسة بعدم حرق النواتج السامّة من القمح، ووصول التحقيقات إلى فرع الأمن الجنائي، أكّد مدير السورية للحبوب، وجود حالة واحدة تتعلّق بعدم الحرق، تدخّل بها الأمن الجنائي، بعد أن ثبت تورّط 8 موظفين في تلك المخالفة، لافتاً إلى أنّ الموضوع تمّ حله “دون تسجيل أيّ أضرار بشرية كون الشحنة لم يتم ضخها في السوق”.
من مصر إلى سورية!
الجدير ذكره، أنّ الآرغوت أشعل أزمة كبيرة وطويلة بين مصر وروسيا، منذ 2010، وبعد ست سنوات، تراجعت مصر عن موقفها السابق بتطبيق اشتراطات لا تسمح بأيّ نسبة من فطر الآرغوت بالقمح المستورد؛ حيث تعاقدت الحكومة المصرية عام 2016 على 240 ألف طن من القمح الروسي، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء العمل بالمواصفة المصرية المعمول بها في عام 2010، وذلك على كافة الشحنات المتعاقٓد عليها والجديدة.
وتسبّب قرار سابق لوزارة الزراعة المصري، وقتها، بتغيير سياسة استيراد القمح ليكون خالياً تماماً من فطر الآرغوت، بأزمة بين مصر وروسيا على خلفية رفض الأخيرة الواردات المصرية من الخضار والفاكهة، بعد أن رفضت مصر شحنة تصل حجمها إلى 60 ألف طن من القمح الروسي تحتوي على 0.05 في المائة من الآرغوت.
عن الآرغوت؟
آرغوت.. هي كلمة فرنسية تعني المهماز، والآرغوت هو مرض فطري يصيب نبات القمح حيث يقيم على مبايض الأزهار فقط وتنمو خيوطه داخلها وتتفرع وتتشابك وتتضاغط كأنها “شلة تريكو”، فيحل مكوناً تركيباً صلباً داكناً بلون أسود قرمزي ويتخذ شكلاً يشبه الحبة العملاقة، ويعرف بالجسم الحجري.
ويحتل الجسم الحجري مكان الحبة، وهذا الجسم الحجري هو الذي سماه الفرنسيون بالآرغوت، وذلك لتشابه تركيبه مع المهماز الذي يوجد بخلفية “قدم الديك”.
والمشكلة تتمثل في أن فطر الآرغوت يقوم بإنتاج مجموعة من المركبات الكيماوية تعرف بالقلويدات وهي سموم فطرية قد ينتج بعضها فطريات أخرى، ولكن خطورة الآرغوت أنه ينتجها بكميات كبيرة تتركز في الأجسام الحجرية التي أشرنا إليها، ولذا لو تم استعمال حبوب قمح ملوثة بالأجسام الحجرية بنسبة معينة 0.05% من الوزن الكلي للحبوب ولم تزال من حبوب القمح قبل طحنها للحصول علي الدقيق نتج لدينا دقيق ملوث بهذه المواد.
ونظراً لأن هذه المواد لا تتأثر بالحرارة فإنها تظل فعّالة في الخبز وغيره من المخبوزات حتى بعد تعرضها للحرارة العالية أثناء خبزها في الأفران، لذلك قد تسبب التغذية عليدى هذه المخبوزات وفي مقدمتها الخبز باعتباره المخبوز الأكثر استهلاكاً عند الإنسان فإنها تحدث حالات مرضية
وتؤدّي التغذية على مخبوزات استعمل فيها دقيق ملوث بهذه المواد الكيماوية إلى إصابة الشخص بحالة مرضية مركبة، تشمل نوعين من الأعراض؛ الأولى أعراض تسممية حادة نتيجة التهام تركيزات مرتفعة مرة واحدة من سموم الإرغوت تتمثل في غثيان وقئ وإسهال وصداع ومشاكل في الرؤية مع آلام في العضلات وتنميل في الأطراف وأماكن أخرى بالجسم، وشعور بالحاجة للهرش فيما يعرف بـ”الحكة”، وضربات سريعة، وأحياناً بطيئة للقلب، وارتجافات عضلية، وتقلصات، وتشنجات، قد تنتهي بفقدان الوعي، وربما الوفاة.
أما المجموعة الثانية من الأعراض فهي مرتبطة بـالتغذية لمدة طويلة على تركيزات منخفضة من سموم الآرغوت ومنها مركب الـ Ergotamine ومركب الـ Ergocristine اللذان يسببان انقباض للأوعية الدموية الطرفية، فيقلّ الدم الوارد إلى الأطراف، الأمر الذي يحرم أنسجة الأصابع واليدين والقدمين من الغذاء والأكسجين، ما يؤدي إلي تقشير الجلد، وفقد للإحساس وينتهي الأمر إلي موت الأنسجة، واسوداد لونها، وهي الحالة المعروفةب”الغرغرينا” والشبيهة بالقدم السكري، ما قد يتطلب بترها.
Exit mobile version