Site icon هاشتاغ

الأغنياء يقبلون على تخزين المواد..والفقراء يسددون الفواتير

هاشتاغ_يسرى ديب

 

مع بوادر كل أزمة اقتصادية تلوح في الأفق (وما أكثرها) يحمل المقتدرون سللهم ويتوجهون إلى الأسواق لشراء ما يلزم وتخزين ما لا يلزم.

 

ما يحدث هو أن زيادة الطلب على التسوق، يتسبب برفع جديد للأسعار يعود الفقراء لتسديده مجدداً.

 

في إحدى صالات بيع الجملة بدمشق كان عدد المقبلين على الشراء يتزايد، وكل منهم يشتري كل ما يستطيع، ومن كل شي.

 

كان صاحب المركز يتحدث لزبائنه المعروفين ويؤكد لهم ضرورة أن يشتروا كل ما يستطيعون تخزينة “تحسباً للأيام القادمة”، وذلك إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية.

 

عادات يدفع ثمنها الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة بسبب ارتفاع أسعار المواد بعد زيادة الطلب عليها، فهم الخاسرون المتفرجون على ما يحصل دون حيلة.

 

تقول السيدة الخمسينية سندس أحمد لـ”هاشتاغ” إنها وأولادها الخمسة موظفون في الدولة، وأنهم بالكاد يستطيعون شراء حاجاتهم اليومية من الطعام والشراب، وأن مشترياتهم دائماً بالمفرق أو بالدين وهذا يساهم في رفع تكاليف ما يشترون أيضاً، وتعتبر أن الحديث عن شراء مواد بقصد تخزينها تجنباً لانقطاعها أو ارتفاع أسعارها يتم الحديث عنه داخل البيت بما يشبه النكتة.

 

في المقابل اشترت إحدى السيدات من محل لحمة يعود للسورية للتجارة بمبلغ 100 ألف ليرة، أي ما يعادل أكثر من راتب الموظفة سندس، بينما كان إلى جانبها رجل ينتظر دوره ليشتري قطعة فروج واحدة بمبلغ 5 ألاف ليرة!

 

الإقبال على التسوق والتخزين تكرر كثيراً في سورية خلال سنوات الحرب، وهذا يحدث في كل دول العالم مع كل أزمة، وقد فرغت الموالات في دولة كقطر عقب الأزمة التي تعرضت لها مع السعودية والإعلان عن الحصار الاقتصادي عليها، وكذلك الحال عقب انتشار جائحة كورونا في معظم دول العالم، حيث ازداد الإقبال على التسوق بشأن التخزين.

 

ولكن ما يميز تلك الظاهرة في بلدنا عن غيرها من الدول هو تمكن غالبية الناس في الخليج أو الدول الأوروبية التسوق بقصد التخزين على عكس الحال في البلدان ذات الدخل المنخفض كبلدنا.

 

نسأل مدير الأسعار الأسبق في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وخبير التسويق الدكتور جمال السطل عن كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، والقوانين التي يجب أن تطبق في قانون التسويق، فيقول إنه في علم حماية المستهلك يجب تنظيم الضبوط بحقهم، أما في علم التسويق فلا يوجد قانون لأن العرض والطلب هو الحاكم.

 

وعن المنظور الأخلاقي والاجتماعي لهذه الظاهرة قال السطل إنه في علم التسويق لا يوجد أخلاق.

 

أما الباحث في القضايا النفسية والاجتماعية الدكتور حسام الشحاذه فقد وصف ظاهرة الإقبال على التخزين بالسلوك “الجمعي” الذي ينتج عن مجموعة واسعة ومتداخلة من الأسباب، وليس سبب واحد فقط، والتي ترتبط بمتغيرات اقتصادية ومالية من جهة، وبمتغيرات نفسية وانفعالية من جهةٍ أخرى، سيما خلال الأزمات وما يرافقها من انخفاض ملحوظ لمستوى المعيشة، والتضخم المُتسارع وغير المتوازن، بالتوازي مع انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية أمام القطع الأجنبي، والارتفاع المتزايد في قيم السلع والمنتجات خلال فترات قصيرة نسبياً (أسبوع أو أقل من شهر)، ما يدفع المواطن للإقبال على شراء المنتجات الاستهلاكية أو تحويل الليرة السورية إلى عملة بالقطع الأجنبي أو ما يعادلها من الذهب.

 

ووصف هذه الظاهرة بأنها أصبحت ” هوس” خاصة في الأزمة الأوكرانية الأخيرة وأن هذا وفق مبادئ علم التسويق وعلم النفس الإعلاني هو تلاعب في البنية المعرفية للمستهلك، وجعله يقتنع بأن سلع معينة قد تكون عرضة للفقدان أو الاحتكار، من قبل بعض التجار.

 

ودعا الجهات المعنية بالرقابة التموينية على الأسعار وجمعيات حماية المستهلك ومنع الاحتكار لممارسة دورها الرقابي على التجار بمختلف فئاتهم وشرائحهم، للعمل على تنظيم عمليات البيع والشراء والحفاظ على التوازن بين العرض والطلب في السوق المحلية، إذ لا يمكن تجاهل الدور المهم للجهات الرقابية بهذا الخصوص، وتنفيذ الأحكام القضائية الرادعة بحق المخالفين، سيما وأننا نعيش حرب وحصار اقتصادي وأزمة عالمية للمنتجات الاستهلاكية الأساسية والمشتقات النفطية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

Exit mobile version