Site icon هاشتاغ

الإدارة “بالسفهاء” !!

هاشتاغ-رأي- محمد محمود هرشو

لست بوارد مهاجمة السفهاء ،وإنما تسليط الضوء على عالمهم في الإدارة، فأنا ممن يؤمنون بقول الإمام الشافعي : ( ينبغي للفقيه أن يكون سفيهاً ليسافه عنه ).

صحيح أنه قال سفيه، أي حالة واحدة ضمن مجتمع، ولم يقل الإدارة بالسفهاء، إلا أن السفهاء أصبحوا أمراً واقعاً يحيطون بنا من كل حدبٍ وصوب، على غرار التافهين وأخذنا نمجدهم ونكبرهم وندعمهم فلم يبقوا صغار قومنا أبداً .

بالنسبة لي لا أحبذ التعامل معهم لكني “أصادفهم” في كل مكان ويعتبرون أنني “أصادقهم” والعياذ بالله ، فأطلع أحياناً على تفاصيل مبادئهم وأحاول بطبعي “الحشري” تحليل تصرفاتهم، لكنهم باتوا كثر فوصلت معهم الى “اللاتفكير” في أمرهم لأنتقل الى تحليل وتأمل نقضائهم في الضفة الأخرى من الرصينين أصحاب الحلم والشرفاء، ولم أجد منهم الكثير، كما لم أجد حتى الآن مبررا واحداً لوجودهم وسط هذا الهزل الذي نعيشه، وهذا ما سأثبته من خلال الأمثلة التي عشتها :

عرفت مديراً لدائرة لم يسمع باسمها أحد “سفيهاً” أخذ يصول ويجول ويكدّس الثروات من خلال ابتزاز الناس حتى بدأت الأزمة ليهمس لي مراراً : ( خالصة – حاجتن – جماعتك ماشيين ) !! مع استمراره بزيارة “المعلم فلان ” و “سيدي علان” ليقدر موقف وجوده ويحدده خارطة مستقبله، والتي لسوء حظ هذا البلد لم يكن له متسعاً في الضفة الأخرى، ولأن الزيارات يجب ألا تكون مجانية “بتقديره” يمرر من خلالها “كم تقرير” بزملائه ومعارفه مستفيداً منهم مالياً أو مستريحاً منهم اجتماعياً، مثبتاً ولاءه أمنياً !
كان كل من حوله يستعيذ عند السماع باسمه، حتى مرؤوسيه .

وعلى سيرة الإصلاح الإداري كان يحمل شهادة أدنى من الشهادة التي يحملها معاونه وموظفيه ، كما أنه أتى من مكان وظيفي مغاير تماماً لمنصبه، لكن معاونه المسكين وموظفيه لا يقوون على طرح أو التفكير بحقوقهم من باب القلم بيد السفيه كالخنجر بيد الطفل !

استمر المذكور في منصبه وخرب ما خرب حتى سمح له طغيانه وسفاهته ليتبوأ بالاستهزاء من مسؤول هو أسفه منه وأرقى في مناصب السفاهة فيصب عليه غضبه ويأمر وزيره بعزله .

ولازلتم تقولون لسنا بحاجة الى السفهاء ؟! هذا مثال عن استفادة قصوى بعد مضرة كبرى بغض النظر عن السفاهات العظمى المستمرة إلى يومنا هذا .

أما بالمقارنة بين سفيه وحليم، أو شريف، فإنني أعرف مديريَن عاميَن حاليين أحدهما مسؤولاً عن قوت المواطنين، والآخر عن مسار عدالة بين الناس، الأول غرقت مؤسساته بالفساد والشح رغم توفر المواد التي فيما لو أحسن إدارتها لأطعمت الملايين، لكن المسكين مضطر لتوزيع الكثير وإرضاء الكثر من “الكبار”، فهو معذور إن خسر، والحكومة لديها مبرراتها لدعمه وإعطاءه السلف كرمى ل”كرش” المواطن، وتخصص ساعات لاجتماعاتها معه أو وزيره وطواقمهم، فيبقى صامداً شامخاً رغم فضائح مؤسساته الظاهرة للعيان، وإن أتى مسؤول رقابي شريف، أو شاءت الصدف لفتح تحقيقات مثبتة وموثقة في قضايا فساد تتم “لفلفتها” خلال أيام قليلة ، ويستمر هكذا ..

أما الثاني وهو صديق لي أقول له بشكل دائم وأنا مصر على قولي “ستندم”، فهو يناضل يومياً لتحقيق أدنى مقومات العمل أو الامتيازات لكادر موزع في شتى أرجاء القطر يبلغ ( 52 ) فرداً فقط !!

تقر الحكومة مكافأة لهم بعد سنوات من النضال فتكون المكافأة لمدة ثلاث أشهر فقط ، وبالنهاية لم يرصد المبلغ نهائياً !! رغم التهويل الإعلامي بإنجازها الفاتح على هذا الصعيد !! وها هو يطرق الأبواب يومياً للحصول على مقر لإدارته العامة أو حتى سيارات نقل جماعي لموظفيه، فهو بكل بساطة مدير عام بلا مقر ولا منزل ولا حتى سيارة، وبأبخس الأجور لموظفين من الفئة الأولى وشهادات علمية نادرة كادت تنقرض !
بكل بساطة الأول “مدلل” تفتح له الأبواب “فوق” والثاني يحاول ويجاهد ويناضل في هذا العالم التافه ليبني مؤسسات ترقى إلى مستوى الدولة لأن أباه رباه كما عاش ليكون رجل دولة، فأراه الآن مع الأسف متسولاً للدولة على أبواب صغارها .

زجل
اهجر سفيها عاث في الأرض فسادا. فهو قادر بسفاهته أن يدمرك وزيادا

جدل
لا يُكافح الفساد بالتشريعات والقوانين، لأن الإصلاح ليس قاعدة إنما إرادة، بكل بساطة يمكننا أن نكون صادقين مع أنفسنا بما ننوي ونختار الشخص المناسب للمكان المناسب .

غزل
يمكننا الاستفادة من السفهاء فيما لو أحسنّا استخدامهم ،أما فيما لو أحسنوا استخدامنا وتولي زمام أمورنا فإنه دمار للبلاد والعباد .

Exit mobile version