Site icon هاشتاغ

الإدارة بالـ”دكاكين”

تقزّم مفهوم الإدارة في بلادنا إلى ما يشبه “إدارة الدكاكين”، بالرغم من التطور الكبير الذي يعيشه هذا المفهوم في كل دول العالم المتطورة، حيث بات علماً شاملاً باختصاصات متعددة تدخل في شتى مجالات الحياة.

هاشتاغ-رأي-محمد محمود هرشو

و”الإدارة بالدكاكين” المعتمد لدينا هو أسلوب إدارة البقالية أو مخزن البيع الصغير، حين تتم إدارته من قبل مالكه بعيداً عن مفاهيم الإدارة وبديهياتها، وهو ما آلت إليه الكثير من الإدارات في بلادنا بغض النظر عن تخصصاتها ومراكزها؛ وحتى حجمها.

في الواقع، يتم تطبيق هذا المفهوم كغيره من المفاهيم؛ سواء الصالحة أو السيئة، ابتداءاً من رأس الهرم القائم على هذه الإدارة أو تللك، القابض عليها بكل تفاصيلها وجوانبها، ليصبح هذا الشكل من الإدارة عرفاً لدينا، فيعتقد الجميع أن هذا العرف السائد هو نجاح إداري، حينها نبدع في “تطويره” وإدخال مفاهيم جديدة عليه إلى أن يصبح ورماً شديد الانتشار صعب الاستئصال في أجسام إداراتنا .

لم أرصد يوماً في إداراتنا أي وجود لمفهوم الفريق، أو احترام ومشاورة الفريق من قبل رأس الهرم في منظمة أو مؤسسة من مؤسساتنا، بالرغم من تنوعها واختلاف طبيعة أعمالها .

عادةً ما تسود عقلية “الدكاكين” داخل تلافيف رأس الهرم في هذه الإدارة أو تلك، فيعمد إلى إقصاء كل من هو أدنى منه ولو بدرجة بسيطة، حتى وإن كانت المناصب غير متسلسلة، وحتى لو كان دور رأس الهرم تنظيمي، هنا يكون صوته واحد من عدد الأعضاء، كالمكاتب التنفيذية ومجالس النقابات وأعضاء الفروع.

لكن “التهميش” المتعمّد هو سيد الموقف، وبالتالي فإن هذا الفريق ذاهب لا محالة نحو الصدام، والتاريخ الحديث شاهد على حوادث نادرة من صدامات داخل الفريق الواحد؛ بين أعضاء الفريق ورأس هرمه.

وغالباً ما يكون النجاح -مع الأسف- حليف رأس الهرم، لأننا نظن أننا نحترم التسلسل الهرمي للإدارة الواحدة، وكأننا أخترنا رؤوس هرم من الأنبياء المنزهين عن الخطأ أو التقييم !

على النقيض؛ تجد في الإدارات الناجحة، والسياسات المعاصرة، أن الدور الأكبر في التقييم المبدئي لرأس الهرم هو اختياره للفريق الذي يعمل معه (على مبدأ قل لي من فريقك أقل لك من أنت ).
و تتم متابعة تطبيق برنامج ونهج رأس الهرم وترويج خططه بعد توليه المنصب عن طريق فريقه الذي يكون فعالاً في متابعة وتصويب كل ما يقوم به “الرأس”.

بالمقابل؛ وفي طريق الوصول إلى الهدف من قبل أصحاب “الدكاكين” لدينا، يكون التلون سيد الموقف، فهم يبرعون في إسماعنا ما نريد سماعه، فمن منا لا يدرك أن أصحاب “الدكاكين” وبعد أن ينهوا صلاتهم، لا يترددون بأن يحلفوا أغلظ الأيمان بأن البيعة كانت خاسرة!
ودورنا هنا لايجب أن يكون بقبول أي إجابات تصدر عنهم، بل بكشفهم على حقيقتهم.

خلاصة القول؛ أن ما ينقذ إداراتنا ليس تطبيق هذه التجربة ونبذ تلك، فنحن نأخذ من كل قاعدة الشواذ أو القشور، نطبق تجارب إدارات حديثة على “دكاكين” مهترئة، ومشكلتنا منذ عقود أننا نريد كل شيء ونفعل القليل من أي شيء وفي النهاية لا نحصل على شيء .

زجل
شاور رفاقك لستَ بمعصوم.. تتغطرس وتنتفخ وتبقى ملؤوم

جدل
من حق المتفرد بالإدارة أن يفكر في نفسه على أنه الأجدر على اتخاذ القرارات، لكن من واجبه أيضاً مراجعة مخرجات ونتائج تلك القرارات ليعرف ما آلت اليه “دكانته”.

غزل
يبقى الإقرار المطلق والرضا عن آلية الإدارة “بالدكاكين” للمرأة، فهي صاحبة العصمة والتحكم بكل قرار شاء من شاء ،وأبى من أبى.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version