Site icon هاشتاغ

الإدارة “بالمزاج” !

هاشتاغ- رأي- محمد محمود هرشو

يعرف المزاج على أنه الحالة النفسية أو الشعور السائد الذي يعيشه الشخص، وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على مزاج الفرد وتتسبب في تغييره. لكن يجب الانتباه إلى المزاجية الشديدة والمتغيرة بصورة سريعة، لأنها تعتبر عارضاً مرضياً وينصح حينها بمراجعة طبيب نفسي.

لذلك يمكننا أن نسمي “المزاجيين” مرضى نفسيين. ليس المقصود طبعاً هنا الحدود الطبيعية والمزاجية البسيطة التي تقع على المرأة نتيجة تغيرات فيزيولوجية تطرأ عليها، وإن كانت مزعجة بالنسبة للمحيط لكنها معذورة بذلك. ولا حتى المقصود قياس المزاج العام للناس الذي تقوم به الأجهزة الأمنية بالنسبة للدول العسكرية أو مراكز الدراسات في الدول المتطورة، فهو إيجابي وينم عن وعي متخذي القرار وحرصهم على إرضاء الرأي العام، وهو من بديهيات نظم دعم القرار ليتم تهيئة مدخلات سليمة فنحصل على قرار صائب .

نتحدث هنا عن مزاجية أصحاب القرار التي تشخصن القرار؛ سواء كان متعلقاً بالبيت الداخلي للمنظمة أو بالمواطنين الذين سيقع عليهم القرار، فكثيراً ما حاولتُ “التأمل” في آلية اتخاذ القرار في بلدنا، لكن لم أجد حتى الآن إلا الإدارة ” بالمزاج”.
فكم من القرارات اتخذت على عجل، وكم منها اتخذ “ليلاً”، وكم منها اتخذ على خلفية وشاية .. وغير ذلك الكثير !
وهنا يحكم القرار عدة عوامل جميعها متوفر في بلدنا وبشدة لله الحمد، منها مستوى مزاجية صاحب القرار، ومزاجه لحظة اتخاذ القرار، كذلك قدرة المحيطين “ودهائهم” في تحديد مزاج صاحب القرار وإدخال المعطيات المناسبة لمخرجات القرار المتوقع من قبلهم وفق المزاج اللحظي لطرح المعلومات. كذلك وعلى مستويات أخرى لمتخذي القرار يتأثر القرار بالعلاقة العاطفية بين كل من متخذ القرار وطارح الملف، ومتخذ القرار والعلاقة مع الذي يقع عليه القرار . كما يتأثر القرار بالظروف العامة أو التي “هيّأتها” حاشية صاحب القرار من معطيات ووشايات سابقة، وصولاً الى القرار المرجو اتخاذه.

أما عن النوع الآخر من القرارات، وغالباً تكون استراتيجية فيلجأ هذا النوع من متخذي القرار إلى الإدارة بالتجريب، حيث يتم اتخاذ قرار مصيري وله انعكاسات اجتماعية واقتصادية خطيرة، ثم يتم الاستماع الى التيارات المتضاربة من الحاشية ليتم وفق المزاج السائد وقوة التيارات الآنية اتخاذ قرار مناسب يتعلق بضرورة الحفاظ على القرار أو إلغائه!!

جالستُ صديقاً من حاشية أحد أصحاب القرار، وعندما كنا نتكلم عن المصائب التي تحل بالبلاد، أخذ يتحدث عن تذمّره من عمله، فأعطاني مثالاً مضحكاً عن مديره، قال لي إن هذا المدير يجعله تارةً المثل الصالح للمتفانين في العمل على مبدأ (كن مثل بلال)، وتارةً يصبّ عليه انزعاجه ومزاجية صاحب القرار حتى يكاد لا يجرؤ على طرح أي ملف، لأنه يعلم مسبقاً عن سلبية القرار الذي سيتخذ كونه مطروح من قبله!
ظننت للوهلة الأولى أن ذلك من أساليب القادة لكي لا يعرف الحاشية أنهم في مأمن ضمن بيئة العمل فيتفانون أكثر، ولا يجرؤون على طرح ما يحيد بالقرار نحو مصالحهم الشخصية، لكن تفاجأت بأن ما يحكم تلك العلاقة هي وشاية الأشخاص المقرّبين الآخرين من صاحب القرار، فأصبحوا بذلك منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً !

زجل
مزاجك لك فأترك قراراً بالمزاجية يؤتك
الدنيا خرابٌ ما بك تتمسك بغضبٍ ما لك

جدل
يقول علي بن أبي طالب لمالك الأشتر في رسالة العهد: لا تعجّلنّ إلى تصديق ساعٍ فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين، ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزيّن لك الشره بالجور.

غزل
المزاجية عند المرأة حالة طبيعية، ويسعد من يجيد التعامل معها، أما المزاجية في اتخاذ القرار فهي “دمار” .

Exit mobile version