Site icon هاشتاغ

الاستثمار في الفقر

الفقر

الاستثمار في الفقر

هاشتاغ _ أيهم أسد

تهدف التنمية الإنسانية بمفهومها المعاصر إلى توسيع خيارات الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي بذلك المعنى تهدف إلى القضاء على أي شكل من أشكال الحرمان الإنساني، ويعني ذلك حكماً القضاء على الفقر بشكل كامل، أو تقليله إلى حدوده الدنيا، حيث يعد انتشار الفقر وعمقه أحد أبرز أوجه قصور التنمية الإنسانية في أي اقتصاد بالعالم.

وعندما تفشل التنمية وينتشر الفقر سيصيب المجتمع حالتين اثنتين هما:

الحالة الأولى: سلوكيات الفقر

الحالة الثانية: الاستثمار في الفقر

وتعبر سلوكيات الفقر، أو السلوكيات الناتجة عن الفقر، عن نمط الثقافة والعيش الذي ينتشر بين الفقراء من إهمال للتعليم وعدم الاهتمام بالمرافق العامة وعدم المشاركة في الحياة السياسية وانتشار الجرائم والعنف المجتمعي الأمر الذي ينتج نمطاً ثقافياً خاصاً بالبيئات الفقيرة يمزيها عن غيرها.

ونتيجة لانتشار سلوكيات الفقر يأت من يستثمر في الفقر وسلوكياته، أي يأتي من يستغل حالة المجتمع الفقير بطرق مختلفة كونه يعرف تماماً طبيعة ذلك المجتمع وكثافة احتياجاته ونمط سلوكياته، وها تتعدد الجهات التي تستثمر في الفقر.

فالقطاع الخاص يستثمر في الفقر من خلال تشغيله للفقراء بأقل الرواتب والأجور، فهو يدرك تماماً مقدار الاحتياج المادي الواقع تحته الفقراء، وبالتالي يصبح الفقراء من أرخص مدخلات العملية الإنتاجية لديه، فالحصول على أدنى دخل بالنسبة للفقراء أفضل من عدم الحصول على أي دخل أبداُ.

والمنظمات الدولية تستثمر في الفقر أيضاً من خلال ما تقوم به من برامج وإعانات نقدية فهي تدرك تماماً مقدار الفراغ التنموي الذي تركته الحكومات ورائها فتحاول لعب دورها ضمن ذلك الفراغ التنموي، وهنا يصبح الفقراء أهدافاً قصيرة وطويلة الأمد لبرامج المنظمات الدولية دون أن يتغير من فقرهم الحقيق شيء على المدى الطويل.

والسلطة الدينية تستثمر في الفقر أيضاً من خلال إدراكها لحجم الجهل الذي تتمتع به المجتمعات الفقيرة وحجم الحاجة إلى مخرج روحي من الحياة المادية الصعبة، وهنا يصبح الفقراء أيضاً بمثابة أرخص المدخلات للتطرف الديني بسبب الهشاشة المعرفية التي يتمتعون بها.

والدول الخارجية تستثمر في الفقر أيضاً من خلال تحريكها للاضطرابات الاجتماعية وتغذيتها بالمال مستثمرة حاجة الفقراء المادية، وهنا يصح الفقراء مرة أخرى من أرخص المدخلات للمشاريع الخارجية التي تسرع من تفتيت بنية الدولة الداخلية.

ما الحل إذاً؟

الحل الحقيقي للتغلب على سلوكيات الفقر ووقف عمليات الاستثمار في الفقر هو التنمية الإنسانية الحقيقية فقط، التنمية الموجهة لإزالة الحرمان البشري بكافة أشكاله وزيادة وعي الناس وتحسين تعليمهم ومعارفهم، التنمية الموجهة لا إلى المشاريع الاقتصادية فقط بل إلى الإنسان بحد ذاته كمشروع بشري، التنمية التي توفر الحريات المجتمعية وتحميها وتطورها.

بلا تنمية إنسانية حقيقية سيبقى الفقراء مجرد استثمار لرأس المال ووالدين والمنظمات والدول الخارجية…

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version