Site icon هاشتاغ

“إسرائيل” وتعقيدات اعتداءاتها

هاشتاغ_رأي مازن بلال

يقدم الاعتداء الأخير على مطار دمشق الدولي نموذجاً لـ”تشكيل القوة” التي تسعى “إسرائيل” لفرضه.

وهو شكل من اعتياد خرق السيادة يختلف في أشكاله من استخدام الأجواء اللبنانية، أو استخدام الجولان المحتل لتوجيه الصواريخ، أو حتى التعامل مع المياه الإقليمية اللبنانية لاستخراج الغاز.

صيغة خرق السيادة لا تختلف سواء كانت اقتصادية أو عسكرية، وهي تشكل أيضاً فرطاً في استخدام القوة للإبقاء على معادلة سياسية مضطربة.

المشكلة الأساسية التي تتشكل اليوم من الاعتداءات الإسرائيلية تتجاوز مسألة الحفاظ على الأمن بالمفهوم العسكري.

فالانتهاكات لا تطال بُنى عسكرية واضحة وتتم بأساليب عسكرية واقتصادية، وتطرح على المستوى السياسي انتهاء ميزان التوازن الإقليمي الذي كان يرسم خطوط الاشتباك بين “إسرائيل” وجوارها، فالاعتداءات الإسرائيلية اليوم لها سمتين:

– الأولى أنها اختبار للقوى الإقليمية والدولية المتواجدة على الساحة السورية.

فعلى الرغم من أن المبررات غير الرسمية تتحدث عن أهداف إيرانية، لكن مناطق الاعتداء هي ساحة اشتباك لقوى أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة أيضا.

الاعتداءات الإسرائيلية التي تطورت لتمس “رموز السيادة” مثل المطارات أو المياه الإقليمية تريد احتكار ميزان التوازن الإقليمي.

فهي تتعامل مع أهدافها في تجاهل واضح للاشتباك الدولي الحاصل وعلى الأخص في الشمال الشرقي لسورية.

ورغم أن موسكو وأنقرة تظهران ضمن هذه المواجهة لكن الولايات المتحدة معنية بشكل مباشر في المواجهة القائمة بسورية.

– السمة الثانية للاعتداءات أنها تريد تحييد شرقي المتوسط عن الاشتباك الدولي.

فـ”إسرائيل” لا تريد لميزان القوة في المنطقة أن يتأثر نتيجة تطورات الحرب الأوكرانية وانعكاساتها الدولية.

ما يحدث عملياً أن مطار دمشق الدولي يشكل نقطة ارتكاز لتكريس “المعادلة الإقليمية” كما تراها “إسرائيل”،فهي تسعى لاستخدامه كمعبر لـ”الرقابة” على المنطقة.

ولذلك فإن استهدافه المتكرر يحمل شكلاً من فرض مستوى من السيادة وفق “رؤية إسرائيل”.

المسألة بالنسبة لها تحمل حدين:

الأول مرتبط بمستوى القوة المسموح بها لدول الجوار وهو ما يفسر استهداف مركز البحوث بشكل متكرر.

أما الثاني  فهو حدود السيادة عبر استهداف مطار دمشق وبادعاءات مختلفة.

الصورة الإقليمية اليوم لا تحمل فقط مخاطر الحرب الإقليمية نتيجة “التصور الإسرائيلي” لميزان القوة، بل تفتح أيضاً شكلاً من الصراع لن ينحصر في سورية فقط، خصوصاً أن اشتباك “إسرائيل” أصبح متعدد الأشكال ضمن المنطقة، وفتحت العلاقات السياسية مع بعض الدول العربية إمكانية انتشار الاشتباك سواء بطرق استخباراتية أو اقتصادية.

الحرب اليوم تتعامل بشكل مختلف مع كافة المعادلات السياسية القائمة، وربما تبدو مسألة مطار دمشق الدولي حالة محدودة وسط استقرار سياسي نسبي في شرقي المتوسط.

لكنها في المقابل عنوانا لمرحلة مختلفة لأنها تتعامل مع انتهاك السيادة على أنها “حالة شرعية” لن تنتقل إلى تأزم إقليمي عام.

العداء الإسرائيلي لسورية ليس جديداً.

لكن فهم الانتهاك الدائم والاعتداءات في ظل ظرف سوري خاص هو شأن يتجاوز السياسة السورية.

كما أنه يسعى لفرض شكل مختلف من العلاقات في المنطقة، وهو ما تراه “تل أبيب”فرصة في ظل الاضطراب الدولي لترتيب مساحتها الإقليمية وأمنها الخاص.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version