Site icon هاشتاغ

إعادة توزيع أموال البلديات “تنموياً” لا “سكانياً”

البلديات
تحليل اقتصادي – أيهم أسد
نصت المادة (4) من القانون المالي الجديد للوحدات الإدارية رقم (37) لعام 2021 على أنه يتم تحويل حصة الوحدات الإدارية (البلديات) من ضرائب الدخل المختلفة وضريبة ريع العقارات والعرصات ورسوم وسائط النقل ورسوم المرفأ والضرائب على البضائع المستوردة ورسوم الاستهلاك على المواد المشتعلة والتخزين والإعلان والتبغ ورسوم رخص استثمار المناجم والمقالع وثروات الغابات وأسعار دخول المتاحف والقلاع الأثرية المنصوص عليها في القوانين النافذة من جميع الجهات العامة المعنية إلى حساب وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ومن ثم تعيد الوزارة توزيع تلك المبالغ على الوحدات الإدارية (البلديات) مجدداً.
وقد نص القانون على توزيع (65%) من تلك الإيرادات المجمعة على البلديات كافة وفق عدد السكان في قيود السجل المدني أو إحصائية المكتب المركزي للإحصاء، أيهما أعلى, وبالتنسيق مع مجالس الوحدات الإدارية من حيث عدد السكان.
لكن هناك مسألتين أساسيتين تواجهان المعيارين الموضوعين لتوزيع تلك الإيرادات:
الأولى: وجود بعض المدن أو المحافظات التي استقبلت أعداداً كبيرة من النازحين خلال سنوات الحرب والذين استقروا فيها، وبالتالي أصبح هناك زيادة كبيرة جداً في عدد سكان تلك المناطق، وأصبح هناك ضغطاً كبيراً على الخدمات بشكل واضح.
هؤلاء النازحون لا يظهرون في سجلات الأحوال المدنية للمنطقة، كما أن المكتب المركزي للإحصاء لم يقم بإجراء تعداد عام للسكان لمعرفة تركز السكان في كل منطقة، يضاف إلى ذلك أن الوحدات الإدارية (البلديات) ليس لديها الكادر والتمويل اللازمين لإجراء مسوحات سكانية محلية فيها لمعرفة الأعداد الحقيقية فيها.
وبالتالي فإن المبالغ المخصصة لتلك البلديات وفق معيار المسجلين في السجل المدني أو إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء لا تتوافق أبداً مع عدد السكان الموجودين فعلياً فيها، ولا تتوازن مالياً مع حجم الخدمات المطلوب تقديمها للعدد الفعلي من السكان المقيمين.
الثانية: وجود عدد كبير من المناطق المدمرة شبه الخالية من السكان لأسباب الهجرة الخارجية أو النزوح الداخلي، والتي لا تتوافق أعدادها أيضاً مع سجلات الأحوال المدنية أو مع إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء، كما يوجد هناك مناطق بدأ السكان بالعودة التدريجية إليها.
تلك المناطق وعلى الرغم من ندرة سكانها إلا أنها تحتاج فعلياً لخدمات ضخمة جداً كي تشجع السكان الآخرين من العودة إليها، فهي تحتاج إلى إنفاق مالي ضخم أكثر من غيرها من المناطق المأهولة، وبغض النظر عن عدد سكانها، وخاصة أن تلك البلديات لا تتوافر فيها أي مصادر تمويل أخرى بسبب دمار وضعف الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية فيها.
وهنا لابد من القول إن وجود تطبيقات البطاقة الذكية يمكن له أن يقدم إحصائيات شبه دقيقة عن السكان المقيمين فعلياً في كل منطقة من مناطق سورية، ويمكن الاستفادة منها في ربط عملية تخصيص الأموال بين البلديات بالسكان المقيمين فعلياً إن لم يكن ربط تلك المخصصات بالخيارات التنموية وارداً في الفترة الحالية على الأقل.
وبالنتيجة، فإن ربط توزيع حصة الوحدات الإدارية من الإيرادات المنصوص عليها في المادة (4) بالمعياريين المذكورين سابقاً قد لا يساعد وحدات الإدارة المحلية (البلديات) على تأدية الدور التنموي والخدمي المنوط بها، وبالتالي فإن إعادة تخصيص تلك المبالغ حسب الاحتياجات التنموية الفعلية للبلديات من احتياجات إعادة إعمار واحتياجات خدمات أساسية قد يؤدي إلى نوع من التوازن التنموي فيما بينها، وقد يلبي الاحتياجات السكانية أكثر، ويساهم في إعادة توزيع السكان بين مناطق الضغط السكاني ومناطق الندرة السكانية ويحقق نوعا من التضامن الاجتماعي بين سكان البلديات.
Exit mobile version