Site icon هاشتاغ

الجيش الروسي بعد سبع سنوات

هاشتاغ – مازن بلال

دخل الجيش الروسي إلى سورية عام 2015 وسط ذهول “المجموعات المسلحة”، وترقب دولي يؤشر إلى معرفة مسبقة للولايات المتحدة و “إسرائيل” خصوصا بالعملية الروسية.

الدخول الروسي لم يكن خاطفا أو مفاجئا لقوى كانت تعرف أن السيناريو الأخير سيكون “التطويق العسكري” لمجموعات كانت تحارب دون استراتيجية، فواشنطن قبل التدخل الروسي تحولت إلى دعم “قسد” وتخلت عن فكرة إيجاد جبهة عسكرية موازية لقوة الجيش السوري، في المقابل كانت “إسرائيل” تقدم دعما لوجستيا للمجموعات المنتشرة بين حوران والجولان، وذلك في معركة عبثية فشلت في تطويق العاصمة دمشق من جهة الجنوب.

عمليا فإن دخول الجيش الروسي اكتسب اهتماما سياسيا رغم تغييره للميزان العسكري، حيث أصبح الشريك الإقليمي في الشرق الأوسط بعد إنهاء الأزمة مع أنقرة التي اندلعت بعد إسقاط الجيش التركي لطائرة روسية، فموسكو غضبت لكنها وبعد إجراءات أوحت بالقطيعة استوعبت ما حدث لصالح مهمتها في سورية، والنظر اليوم إلى سبع سنوات من التواجد الروسي تقدم صورة سياسية هامة لشرقي المتوسط عموما، فهذا التواجد حمل أمرين أساسيين:

الأول سد الفراغ نتيجة الانهيار في النظام الإقليمي الذي كان قائما على “منظومة عربية” وعلاقات إقليمية مضطربة إلى حد بعيد، فالحرب السورية كانت انقلابا على خط في العلاقات يربط دمشق وأنقرة وقطر، وما حدث أن تركيا وقطر وبغض النظر عن الأسباب تحولتا إلى قوى مناهضة لدمشق بعداء مطلق.

كان التدخل الروسي مسألة تصفية سياسية لنظام إقليمي يحمل محاور متضاربة، وباستثناء العلاقة بين دمشق وطهران؛ كانت باقي العلاقات إزاحة لعوامل إقليمية فاعلة مثل السعودية ومصر، وخلال السنوات الأولى للأزمة شهدنا تصاعدا للدور السعودي الذي أزاح قطر، ثم ارتداد مصر غير من موقع القاهرة في خارطة الصراع، وبعد التدخل الروسي بسنوات يبدو الدور السعودي ضمن هامش ضيق فهو يبني خيارات

إقليمية جديدة.
الثاني إعادة رسم الدور الإيراني في سورية بعد أن أصبح على المستوى الإعلامي على الأقل أوسع مما تستوعبه حقيقة الخارطة السورية وتعاون طهران معها، فيعض الأطراف العربية المنخرطة بالصراع رسمت الدور الإيراني على أنه محور يعبر عن رغبة طهران في التمدد على حساب الثقافة السائدة في شرقي المتوسط، خصوصا أن حزب الله انخرط بالصراع بعد أن أغلقت “جبهة النصرة” الحدود اللبنانية وتمددت نحو “عرسال”.

أصبح الدور الإيراني بعد الدخول الروسي ضمن مظلة واحدة رغم تباين التوزع للقوى على الخارطة السورية، وهو ما سهل العمليات السياسية اللاحقة سواء في الاتفاق الأمريكي – الروسي حول الجنوب الغربي لسورية، أو اتفاقات انسحاب المسلحين من حلب ثم من الغوطة الشرقية.

قدرة موسكو على تثبيت قدرتها في المساحة الإقليمية ضمن محيطها الجغرافي ظهرت في تدخلها بسورية، وذلك بغض النظر عن مسار حل الأزمة المرتبط أساسا بتوازن دولي بالدرجة الأولى، فالسنوات السبع خلقت استقرارا أمنيا لكن الوجود الروسي لم يستطع وقف الانهيار الاقتصادي الذي يعتبر تداعيا أساسيا للحرب، فالأزمة السورية تقف على أعتاب حالة دولية وليس دور روسي فقط، في وقت سقطت فيه العوامل الداخلية لتثبيت مسار نهائي للحل، وبعض المسائل الإقليمية العالقة تدخل أيضا ضمن نفس المسار، فالاعتداءات الإسرائيلية تكشف إلى حد بعيد أن الأزمة بعد سنوات من التدخل الروسي تقف على مساحة داخلية هشة ونظام دولي متهالك.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version