Site icon هاشتاغ

الحدائق والشوارع خيار يفرضه الخوف.. السوريون يخشون منازلهم: “الصدمة عميقة بسبب عدم اليقين بشأن المستقبل” 

حدائق دمشق

السوريون يخشون منازلهم: "الصدمة عميقة بسبب عدم اليقين بشأن المستقبل" 

هاشتاغ – يسرى ديب

قد يكون طبيعياً أن يفترش الحدائق ويمضي الليالي في الشوارع الباردة من كان سقف بيته ليس حديد، وركنه ليس حجر، فمن يعيشون في منازل يعتقدون أنها لن تصمد أمام أصغر الهزات لن يتمكنوا من تحكيم العقل والركون للعلم والتصريحات الاختصاصية التي تؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بيوم أو ساعة حدوث الزلزال.

وما زاد من الضياع والتشتت هو حدوث “زلزال أو هزة ارتدادية” – حيث لم تتفق الآراء على تحديد نوعيتها- في ذات اليوم الذي صدف أن حدده الباحث الهولندي فرانك هوغربيتس، كما تناقلت عنه وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل الكثير من الناس خاصة في العشوائيات تسرع لمغادرة منازلها في اليومين التاليين اللذين صنفا ضمن الأيام المحددة لحدوث زلزال.

جافاهم النوم

نالت الشائعات كثيراً من هدوء السوريين الذين تابعو ما حل بأشقائهم ممن تعرضوا للزلزال، وفارق النوم الكثير منهم سواء الناجين في المناطق المنكوبة، أو من يسكنون في منازل لا يثقون بها.

وكإجراء احترازي قام كثيرون بتنزيل برنامج على هواتفهم الخليوية، ينبه للهزات الأرضية عبر مؤشر، الأمر الذي زاد الخوف مع كل إشارة.

إلى الشوارع

تقول علا محمد من سكان منطقة المزة 86 لهاشتاغ إن هنالك من أخبرها بضرورة مغادرة البيت في الحال، لأن هنالك زلزال متوقع في يوم 21 من هذا الشهر. فحملت محفظتها التي وضعت فيها كل الوثائق والمقتنيات الهامة، لتكون جاهزة لحظة مغادرتها للمنزل.

تضيف السيدة علا أنها اصطحبت ولديها إلى حديقة في دمشق رغم البرد القارس، ثم انتهى بهم المطاف عند أحد قريباتها في منطقة سكن خارج المخالفات، وقد يكون سقفها أقل غدراً من البيت الذي تسكنه في حال حصول زلزال.

وبعد انقضاء هذا اليوم دون حدوث زلزال عادت إلى بيتها متعبة ومرهقة، لأنها لم تذق طعم النوم في بيت لم يكن مؤهلا لاستيعاب كل هذا العدد من الوافدين. تقول في اليوم الثاني الذي وصف بأنه الأخطر قررت أن تلازم بيتها وما يحصل للناس يحصل لها.

لا سقف يحمي

يتحدث علي محمود، وهو أيضا من سكان المخالفات، عن أن الخوف ليس من الزلزال وإنما من المنازل التي تحولت من سقف يحمي إلى مصدر للخطر، مبدياً الكثير من السخط على الجهات المعنية التي تركت قطاع البناء مستباحا بين أيدي متعهدين ومقاولين لا يملكون الرحمة تجاه حياة الناس لتكون النتيجة خسارة الألاف لحياتهم.

يضيف محمود، وهو مهندس في أحد المؤسسات الحكومية، أنه لا عتب على أي سلوك يقوم به من يسكن بيت لا يثق بمتانته. يشير إلى أن الكثير من العائلات في اللاذقية تمضي لياليها في السيارات، لأنه لا يمكن لأي شخص أن يغامر بأسرته، وينام تحت سقف يعتقد أنه قد ينهار مع حدوث زلزال آخر متوقع.

ترحال وتنقل

السيدة صفاء العلي من اللاذقية، تقول بأنها تشعر بالضياع منذ حصول الزلزال حتى الآن، إذ أن علامات التصدع ظهرت على بيتها، وهذا مادفعها لمغادرته مع أولادها، لكنها تتساءل إلى متى يمكنها أن تبقى عند أهلها مع أسرتها المكونة من 6 أشخاص؟

تضيف أنها تخشى أيضاً أن ينهار بيتها على الأثاث الذي أمضت عمرها لتأمينه، وإذا كانت أمنت على أولادها خارج البيت فإنها تسعى لنقل محتويات بيتها أيضاً، إذ أن الخيارات كلها صعبة وتبدو مستحيلة حسب قولها، فهي لن تتمكن من دفع آجار شهري لبيت بديل، لأنهم بالكاد يؤمنون حاجات الشهر من طعام وشراب، ولن تتمكن أيضاً من البقاء عند أهلها، “فالعين بصيرة، واليد قصيرة” كما تقول.

تضيف العلي أن البيوت المتصدعة كثيرة، لذلك هنالك الكثير من السوريين ينامون في السيارات، وهنالك من عمد إلى اختراع مختلف وقام بنصب خيمة إلى جانب بيته، خاصة ممن ليس لهم أقارب أو منازل في الأرياف ليحتموا عندهم.

أعداد كبيرة

وسبق لوزير الإدارة المحلية حسين مخلوف أن حدد في جلسة لمجلس الشعب عدد البيوت المنهارة بنحو 199 مبنى في المحافظات المنكوبة، في حين المنازل المتصدعة بلغت 336 مبنى يجب إخلاؤها في محافظة اللاذقية، وأن 7.515 مبنى متضرر بنسب متفاوتة في المحافظة ذاتها.

وفي حلب هنالك 198 مبنى متضرر، و1093 بحاجة للتدعيم. وأن عدد النازحين يفوق 298 ألف شخص.

ومع غياب أي مبادرات حكومية، وزعت لجنة السلامة العامة في مدينة طرطوس لصاقات بمداخل أبنية تطالب الأهالي باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة القاطنين!

وحيدون

خطوة تشعر السوريين أن عليهم أن يواجهوا أقدارهم وحيديين مع كل كارثة وأزمة حسب تعقيب البعض على هذا القرار، مستذكرين فكرة تقديم قرض بدون فوائد للمتضررين في المحافظات المنكوبة من قبل أحد البنوك الخاصة، بقسط شهري يصل إلى 250 ألف ليرة، ولمواطنين لا تتجاوز رواتبهم 150 ألف ليرة في أفضل أحوالها.

صدمة عميقة

عن الاضطرابات التي تصاحب الزلزال، قال الطبيب والاستشاري النفسي في منظمة الصحة العالمية، د. تيسير حسون إن الصدمة التي يسببها الزلزال عميقة للغاية، فهي مرتبطة بهوية الناس، ويقينيات الحياة، بدءا من الروتين اليومي الذي لم يعد موجودا، إلى عدم اليقين بشأن المستقبل.

وأضاف أنه “في الواقع الزلزال مفاجئ وغير متوقع، فهو يشل إحساسنا بالسيطرة، وينطوي على إدراك وجود تهديد قاتل.”

وبين الدكتور حسون أن التغيير الحاد التالي للصدمة في الشعور والتفكير والتصرف أمر طبيعي, أما استمرارية أو شدة الأعراض فليست طبيعية. لافتا إلى أنه “من الضروري أن نعرف أن استمرار الأعراض بعد شهر من الحدث الصادم، يرتبط بزيادة خطر حدوث مشاكل.”

ويوضح “إذا استمرت أعراض إعادة التجربة الصادمة أو التجنب أو الخوف أو مشاكل النوم أو الكوابيس أو الحزن أو تردي الوضع في المدرسة أو الأداء الاجتماعي لأكثر من ثلاثة أشهر، فيجب معالجتها.”

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version