Site icon هاشتاغ

بانتظار الحرب..

هاشتاغ-رأي- نضال الخضري

يخرج الأسرى من السجون بينما تستهلك عقارب الساعة الوقت الخاص بالهدنة، ويعبث البعض في مساحة السياسة من أجل التمديد لكن الزمن يتم استهلاكه بشكل سريع.

 

فالحرب في غزة منحت البعض إجازة لرؤية “أشلاء” الشوارع والأبنية المنهارة، وبانتظار انتهاء قدرة الأطراف على خلق “حوافز” لتأجيل القتال فإن “نية” الحرب تبقى في التصريحات “الإسرائيلية”.

 

وكأنها موت غير معلن ينتظر من تبقى في الشوارع، أو من أسعفه الحظ فنجى من رعب القذائف.

 

جريمة غزة تظهر في إعلان مرحلة طويلة من الانتظار، فلا الحرب انتهت ولا السياسة قادرة على كسر “الإرادة الإسرائيلية” في سحق الجميع.

 

فالجريمة الممتدة منذ إعلان “الحصار الإسرائيلي” أصبحت أكثر خداعا للجميع بعد أن غلفتها دبلوماسية تمديد الهدنة، وبعد أن تولى البعض “تزيين” الجرح بنجاحات دبلوماسية لا تقود سوى لفراغ إنساني.

 

فمع الأيام تغيب الصور القاسية لانفجار القنابل ويستعيض الإعلام عنها بالحركة النشطة لتمديد الهدنة، وتصبح الحرب أشبه بصورة مختلطة تضيع فيها صرخات الأطفال، وتعلو التصريحات عن نجاحات سياسية.

 

وأشكال من الديبلوماسية السوداء التي تحاول محو زمن الموت لصالح ابتسامات صفراء أمام عدسات الكاميرات.

 

“درس غزة” أقسى من الموت الذي عايشناه على مدى خمسين يوما، فهو إعلان صريح بأن الموت ينتظر من يختلف مع جبروت القوة.

 

وأن المسألة لم تعد حق الحياة للغزيين إنما صور لأدوار إقليمية مرسومة بنفس هزلية السياسة التي تدعي النجاحات، فالهدنة أنهت الصور القادمة من العالم عن “تضامن” مجهول الهوية..

 

وهي بكثافة الصور التي تدعي النجاح الدبلوماسي الذي يكسر الذاكرة الصلبة للمجازر ولصراخ الأطفال والموت المجاني.

 

الانتصار في غزة إن كان هناك انتصار بمثل هذه الحروب هو للسياسة الصفراء التي تشتري الأرواح لصالح الأدوار الإقليمية، وتطفئ وميض الحلم بصفقات هي في النهاية تمحو جريمة احتجاز شعب بأكمله.

 

فالأسرى هم صورة لقضية ممتدة وليسوا مرحلة سياسية تظهر فيها النجاحات وكأنها رايات ترفع خارج فلسطين.

 

وعندما أعاد طوفان الأقصى تعبئة الروح تجاه فلسطين، فإن السياسة غيرت كل الشكل لتصبح “إسرائيل” بموازاة فلسطين، وقطر أو غيرها بملامح “المخلص” في تراثنا الشعبي.

 

الفلسطينيون لا يرون العالم خارج الصدامات التي يخوضونها يوميا، فهم في مساحة صراعهم قادرون على رسم الحلم الذي يورثونه للأجيال منذ نكبة 1948.

 

والرهانات القائمة على جعل القضية جولات للدبلوماسية، وللمديح الأمريكي الذي يطال بعض الدول؛ لن تعيش طويلا داخل فلسطين فهي مجرد عبث خارج ساحة جغرافية فلسطين.

 

فمن عاش أيام غزة يعرف أن هذه الجولات السياسية هي مجرد زمن ضائع لا يعني الفلسطينين.. فهو يوقف المعارك لصالح موت مؤجل، ويُلمع الوجوه الصفراء التي تشتري النجاح بأرواح الأطفال، بينما ستبقى “إسرائيل” هي المجرمة حتى ولو انتشرت بعثاتها الدبلوماسية في العديد من الدول العربية.

 

الهدنة لا تطوي صفحة الحقوق، ولن تعطي براءة لمجرم طليق سواء شارك في القتل أو غلفه ببريق سياسي، وغزة رمز يضاف لمسيرة ربما تطول في صراع مازلنا نتعثر في إدارته.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version