Site icon هاشتاغ

الحكومة “مُنتجاً” والخاص “مُورداً”

هاشتاغ – أيهم أسد

بات من البديهي جداً في النظرية الاقتصادية كعلم وفي الاقتصاد العملي كتطبيق أن الاقتصاد وكي يعمل بكفاءة عالية إنما يحتاج إلى الحكومة والقطاع الخاص معاً.

لكنه بات من الثابت أيضاً أنه عندما تفسح الحكومة للقطاع الخاص مجالات للعمل في الصناعة والتجارة والزراعة والمال والخدمات فإنه من الضروري جداً أن يكون ذلك الدور محدداً ومراقباً ومضبوطاً.

كما أن اتساع مساحة ذلك الدور هو مرهون بشكل النظام الاقتصادي وفلسفة إدارة الموارد في كل اقتصاد على حدى، أي بطبيعة البنية الاقتصادية لكل دولة، وبالتالي لا يمكن التعميم في هذا المجال بقدر ما يمكن التخصيص حسب خصوصية كل اقتصاد.

في الاقتصاد السوري هناك بعض النطاقات الاقتصادية الأساسية التي ترتبط مباشرة بحياة الناس والتي تؤثر عليهم بشكل كبير جداً، فهي ببساطة شديدة تمثل سلع الاستهلاك العام والتي من الصعب تركها وفي مثل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة بيد القطاع الخاص.

فأن تسمح الحكومة للقطاع الخاص بإنتاج الكهرباء أو بيع المشتقات النفطية والتي يفترض أن تكون أحد أهم وظائفها الأساسية وخاصة خلال الأزمة المديدة الراهنة هو أمر غير مبرر كون تلك السلع من أهم سلع الاستهلاك العام، وكون التغير في أسعارها إنما يؤثر بشكل مباشر على المجتمع من فقر ومستوى معيشة وبطالة ومشكلات أخرى.

لكن ما السبب في كونه أمر غير مبرر؟ وهل يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً بديلاً في هذا المجال الاقتصادي؟

إن كانت مبررات الحكومة هي عدم القدرة على تأمين قطع غيار وصيانة محطات الطاقة المدمرة أو حتى تأمين كميات من حوامل الطاقة بسبب العقوبات ونقص التمويل فبإمكان القطاع الخاص تأمينها لها.

ذلك لأن القطاع الخاص لم يعجز خلال فترة الحرب على سورية كلها من تأمين ما يحتاجه من مواد لاستمرارية إنتاجه، كما أنه غرق السوق بالسلع الأساسية والكمالية على حد سواء، وبالتالي فهو قطاع لديه القدرة على تأمين كل ما يلزم بغض النظر عن الطريقة التي أمنهما بها.

وانطلاقاً من ذلك فإنه يمكن للحكومة أن تبقي في يدها كل إمكانيات الإنتاج والتوزيع لحوامل الطاقة (كهرباء ومشتقات) وأن تعيد بناء محطات التوليد وأن تبقى مسيطرة على عملية توزيع المشتقات النفطية كلها في مقابل أن يقوم القطاع الخاص بتأمين مستلزمات إعادة إعمار البنية التحتية لقطاع الطاقة مثلما استطاع تأمين أي سلعة تخصه طيلة فترة الحرب.

وبالنتيجة، وعلى المدى الطويل ستبقى الحكومة بهذه الحالة هي المسيطرة على حلقات الإنتاج والتوزيع لسلعة الطاقة في حين يلعب القطاع الخاص دور المورد التجاري لمستلزمات ذلك القطاع متجاوزاً مسألة العقوبات ومؤمناً للقطع الأجنبي بطرقه الخاصة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version