Site icon هاشتاغ

الحكومة وفراغ الحماية الاجتماعية

الحمايو الاجتماعية
رأي – أيهم أسد
تؤدي نظم الحماية الاجتماعية بأنواعها كافة دوراً اجتماعياً واقتصادياً هاماً تكون وظيفته الأساسية موجهة لحماية الاستقرار الاجتماعي وصيانة رأس المال البشري وتوفير الحد الأدنى من أمن الدخل.
وتأخذ نظم الحماية الاجتماعية في أي مجتمع شكلين أساسيين هما:
نظم الحماية الرسمية؛ تقوم بواسطتها الحكومة بضمان وتوفير الحد الأدنى من الرعاية الاجتماعية عبر مداخل متعددة، كتوفير الخدمات الصحية مجاناً، ودفع رواتب التقاعد لمستحقيها ولورثتهم، وتوفير إعانات نقدية مباشرة لبعض الشرائح الاجتماعية، وتأمين دعم أسعار بعض سلع الاستهلاك الأساسي، وتوفير برامج العمل العام.
نظم الحماية غير الرسمية؛ يقوم بها المجتمع من تلقاء نفسه سواء عبر مؤسسات مجتمع مدني أو من خلال بعض أفراده بشكل مستقل أو من خلال التجمعات الأهلية التلقائية في مناطق معينة، وتوفر هذه النظم أشكالاً مختلفة من الحماية الاجتماعية لبعض فئات المجتمع من خلال تقديم المنح المالية والمساعدات الغذائية ومساعدات الكساء وتأمين بعض مستلزمات الأطفال وكبار السن وغيرها.
وتتسم نظم الحماية الاجتماعية غير الرسمية بالمرونة والتكيف مع الظروف أكثر من نظم الحماية الرسمية، كما تتصف بحساسيتها تجاه المشكلات والأزمات الاجتماعية وبسرعة استجابتها في كثير من الأحيان قبل أن تستجيب نظم الحماية الرسمية لأسباب تتعلق بالبيروقراطية الإدارية والإمكانيات المالية لتلك النظم.
وتشير أدبيات الحماية الاجتماعية إلى أنه كلما تراجع دور نظم الحماية الحكومية كلما توسع أكثر دور نظم الحماية المجتمعية، وذلك من أجل محاولة سد النقص الحكومي في هذا المجال، وتعبيراً عن التماسك والتكاتف الاجتماعي النابع غالباً من قيم وعادات وأعراف المجتمعات ومنعاً لسقوط المجتمع في هوة الفقر العميق.
خلال الحرب المديدة التي عانتها سورية وما تزال، وخلال الأزمات الطبيعية والأحوال الجوية الاستثنائية، وفي ظل غياب أغلب مكونات نظم الحماية الاجتماعية الحكومية، شاهدنا نشاطاً واضحاً للعمل الحمائي المجتمعي في أغلب المحافظات والمدن السورية سبق بكثير الاستجابة الحكومية، من حيث كثافة انتشاره ونوعية الخدمات الحمائية التي قدمها.
فالتبرعات المجتمعية، والمساعدات المالية بين أفراد المجتمع، وتوزيع المحروقات والخبز مجاناً، ودفع تكاليف عمليات جراحية كبرى، ودفع ثمن أدوية، وتحمل نفقات أدوات طبية لذوي احتياجات وجرحى، وتحمل تكاليف معيشة أسر كاملة، وتدريس طلاب على نفقة أشخاص، وتسديد ديون عن أسر، وتأمين كساء ومستلزمات مدرسية للطلاب، ودعم الجمعيات الخيرية بالأغذية والأموال، والتعويض عن أضرار مادية، كلها تشير إلى الدور الفعال لنظام الحماية المجتمعية والذي يسد جزءاً كبيراً من الفجوة التي تخلفها نظم الحماية الحكومية.
المجتمع لا يقبل الفراغ، هي نظرية اجتماعية لا محيد عنها، وعندما يتسع فراغ الحماية الاجتماعية الحكومية سيتحرك المجتمع لسد ذلك الفراغ. وعندما تكون نظم الحماية الحكومية في حالة تجمد، ستزهر بدلاً عنها نظم الحماية المجتمعية.
لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version