Site icon هاشتاغ

“الهجرة والجوازات” تحصر منح “الجواز” بمنصة “مفتوحة” أمام السماسرة فقط: الحق الذي تحول إلى معضلة لآلاف الحالمين بالسفر

هاشتاغ_ إيفين دوبا

منذ أن أعلنت وزارة الداخلية في 17 من تشرين الثاني 2021، عن إنشاء نافذة جديدة عبر موقعها الرسمي، والتي كان من المقرر أن تتيح إمكانية حجز دور إلكتروني بتاريخ محدّد للحصول على جواز السفر، تتواصل آلاف الشكاوى التي تتحدّث عن عدم جدوى الخطوة، لا بل وجدها البعض أنها تصبّ في خدمة “جيوب السماسرة” وتقف عقبة في تحقيق الهدف الذي أنشأت من أجله “بتسيير أمور المسافرين”، فيما وجدها آخرون “حجر عثرة” تضعها الوزارة لإيقاف الهجرة المتزايدة والتي باتت أسبابها “واضحة ولا تحتاج شرحاً“!.

بوابة للانتفاع“!

بعد أكثر من وعد على حلّ مشكلة جوازات السفر ، وبالرغم من تمرير أكثر من “تبرير” إلا أن ذلك لم يجدِ أو يخفّف من طوابير الانتظار.

وزارة الداخلية عمّمت خدمة حجز الدور الإلكتروني على المحافظات، في 24 من تشرين الثاني 2021، بعد أن انطلقت في دمشق وريفها، ولم يكد يمضي أكثر من شهر على بدء عمل البوابة، حتى اشتكى العديد من المواطنين من “استحالة” حجز الموعد، واعتبرها كثيرون “بوابة للاسترزاق”، ولم تنفع تبريرات الحكومة التي تتحدث عن “أزمة” استخراج جوازات السفر ومستلزماتها، تزامناً مع شهادات العديد ممن حصلوا على جواز السفر “المستحيل” بعد دفعهم مبالغ مالية كبيرة.

زكريا. أ” الذي يؤخّر تقديم مقرراته الجامعية من أجل ضمان سفره إلى مصر، قبل سحبه إلى الخدمة الإلزامية، اضطر إلى دفع مبلغ 4 ملايين ليرة سورية من أجل الحصول على جواز سفر، كما قال لـ “هاشتاغ“.

وفي وقت لا تزال إدارة الهجرة والجوازات تتحدث عن أن منح الجوازات متوقف، “لتأخر ورود المواد الخام الأساسية الداخلة في تصنيع جوازات السفر، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد من جهة، وجائحة كورونا من جهة أخرى”، وفق ما قاله مدير إدارة الهجرة والجوازات، خالد حديد، خلال لقاء له على التلفزيون السوري، في 23 من شباط الماضي.

ويشرح “زكريا. أ” لـ”هاشتاغ”، أنّ عملية الوصول إلى أحد الموظفين العاملين في إدارة الهجرة والجوازات كانت صعبة، خاصةً بعد انتشار أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود “سماسرة” في الإدارة مهمتهم تأمين جوازات السفر بطريقة ما، ووفق مبلغ محدّد، وحصر منح الجوازات للمقيمين خارج البلاد، حسب تصريحات مدير إدارة الهجرة والجوازات، مبرراً:”إن الطاقة الإنتاجية تحدّ من قدرة المديرية على منح الجواز الفوري، ما يجبرها على إعطاء الأولوية في استخراجه للمقيمين خارج البلاد، والحالات الإنسانية، والطلاب والموظف الموفد“.

لكن “زكريا. أ” تمكّن من الوصول إلى أحد العاملين في الإدارة وحصل على جواز سفره، وينتظر السفر خلال أيام قليلة قادمة، رغم إعلان إدارة الهجرة والجوازات بأنه تم ضبط عدة أشخاص قبل أيام، بسبب حصولهم على مبالغ مادية من المواطنين، مقابل مساعدتهم في التسجيل على المنصة أو وعود باستخراج جوازات سفر لهم، كما تم تقديم رئيس أحد فروع الهجرة، مع عدد من العناصر إلى القضاء، إضافة إلى 23 شرطياً وصف ضابط، بسبب حصولهم على “الرشوة“!.

كلنا بالهوا سوا“!

حال “زكريا. أ” الذي يحلم بالسفر خارج البلاد، ليس أفضل حالا من المقيمين خارجه، ناحية اضطرارهم إلى إجراء معاملات تجديد جواز السفر، والمبالغ المالية المترتبة عليهم، ولا يفيدهم “تمييزهم” عبر قرار إدارة الهجرة والجوازات، بإعطاءهم الأولوية في الحصول عليه، خاصةً بالنسبة إلى الطلاب. ويقول “عبد. ت” والد أحد الطلاب في الهند، إنّ الرسوم التي تمّ فرضها على تجديد جواز السفر للمقيمين في الخارج، ليس عادلاً، مشيراً في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ”، إلى أنّ تأمين مبلغ 300 دولار يعدّ أمراً صعباً، وسط الظروف الاقتصادية التي تعيشها أغلبية السوريين، فالأولويةهي لتأمين مستلزمات المعيشة، يضاف لها مصروف دراسة ابنه في الخارج.

ويرى “عبد. ت” أنّه من غير الصائب مساواة المقيمين في الخارج، عبر تحديد الرسم الخاص بتجديد جواز السفر للجميع، دون تفريق بين الطلاب ورجال الأعمال أو البعثات الدبلوماسية!.

جيوب مفتوحة على منصة مغلقة!

بالعودة إلى “البوابة المغلقة”، ورغم أن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بإعلانات وتسجيلات مصورة تشرح طريقة الحصول على موعد، ما زال موقع الحجز الإلكتروني يستقبل السوريين بعبارة “لا مواعيد متوفرة” في حال استطاعوا الوصول إلى خطوة حجز الموعد.

واعتبر العديد من السوريين منصة الحجز الإلكتروني “فرصة عمل للسماسرة” الذين تسابقوا على طلب مبالغ “خيالية” مقابل حجز الموعد للحصول على جواز السفر. وتقول “هدى. د”، إنّ العديد من إعلانات السماسرة وصلتها عبر معارفها مقابل مبالغ متفاوتة بشكل لا منطقي، وفق تعبيرها، مشيرةً إلى أنّ آخر “سمسار” تحدثت إليه طلب 400 ألف ليرة مقابل حجز الموعد فقط، وطبعاً الحصول على الجواز غير مضمون، وسيتبعه دفع مبالغ إضافية لآخرين مهمتهم تأمينه حسب طرقهم!. في حين يبرر مدير إدارة المعلوماتية والاتصالات في وزارة الداخلية، عبد الرحمن عبد الرحمن، عدم إمكانية التسجيل في الوقت الحالي عبر المنصة الإلكترونية، بالتزامها بالطاقة الاستيعابية والإنتاجية لفروع الهجرة والجوازات في عموم المحافظات.

والمنصة برنامج مؤتمت فيه بعض الثغرات، يعتمد على تحديد عدد معيّن من طلبات الدور، تصل إلى 2400 طلب يومياً، وفق عبد الرحمن.

وأوضح أنه خلال الثواني الأولى من فتح المنصة، يتدفق أكثر من عشرة آلاف طلب للحصول على دور من أجل استخراج الجواز، وهو ما يؤدي إلى أخطاء تعيق عمل المنصة، على حد قوله، مؤكداً أنه لا يمكن لأي شخص التسجيل إلا من خلال الواجهة الالكترونية، داعياً المواطنين إلى “عدم الانجرار وراء الشائعات التي يطلقها بعض ضعاف النفوس بهدف ابتزاز المواطنين”، ومنوهاً إلى أنه تم إصدار 30 ألف جواز سفر عن طريق المنصة منذ بداية العام وتم حجز 25952 دور لغاية 11/4/2022.

ووعد مدير الهجرة والجوازات، خالد حديد، بحل أزمة إصدار الجوازات عبر زيادة “الطاقة الاستيعابية”، بعد وصول مواد خام جديدة لتصنيع الجوازات، بدءاً من 15 من آذار الحالي، وهو لم يتحقق ختى لحظة كتابة هذه السطور.

لا جوازات.. ومكاتب السفر تعمل!

رغم توقف إصدار جوازات السفر، كان لافتا استمرار حركة السفر، وحسب ما تقصى “هاشتاغ” من عدة مكاتب للسياحة والسفر، فإنّ حركة السفر خارج البلاد لا تزال مستمرّة، وأكد أصحاب مكاتب السفر، أنّ أغلبية جوازات السفر التي تُقدّم صورة عنها من أجل حجز بطاقة للسفر والفيزا، حديثة الإصدار، بل إن “90 في المئة منها جديدة” حسب قولهم.

وفي التفاصيل، يؤكد أحد مدراء مكاتب السياحة والسفر في دمشق لـ”هاشتاغ” رفض ذكر اسمه، أنّ أغلبية المسافرين هم من الشباب، ويتكبدون مبالغ كبيرة سواء من حيث ثمن بطاقة الطائرة التي تصل إلى مليون أحياناً، أو حتى من حيث تكلفة الفيزا، التي تصل إلى 5 ملايين للراغبين في السفر إلى مصر، يضاف إليها مبالغ تتراوح من 2 إلى 4 ملايين ليرة يتم تقديمها إلى “وسيط” من أجل الحصول على جواز للسفر، مضيفاً: “يختلف ثمن الحصول على جواز سفر حسب طلب المسافر والسرعة في الحصول عليه، وهذا الأمر، نعرفه من خلال سؤال الكثيرين عند تقدمهم لحجز تذكرة الطائرة والفيزا“.

يا هجرة.. ما تمت!

تعدّدت آراء السوريين حول أسباب إنشاء بوابة الحجز الإلكتروني، إذ اعتبر بعضهم أنّ فيها مصلحة مادية لبعض الأشخاص، بينما قال آخرون إنّها محاولة للحد من هجرة السوريين، وتنقسم دوافع استخراج جوازات السفر للسوريين إلى قسمين أساسيين؛ أولهما الحاجة للهجرة هرباً من تدهور الأوضاع الاقتصادية، والثاني محاولة لمّ شمل العائلات التي فرّقتها الأزمة السورية. هذا بالإضافة إلى وجود فئة مهمّة تسعى إلى السفر خارج البلاد، وهي فئة رجال الأعمال ورؤوس الأموال وأصحاب المهن، والتي تعمل على بيع كل ممتلكاتها في البلاد من أجل تأسيس عمل جديد في الخارج يؤمّن فرصة عمل أفضل عبر ميزات حقيقية وتسهيلات أكبر.

حق أساسي..

تعمل كل دول العالم على منح الوثيقة الخاصة بجواز السفر طبقاً للدساتير والقوانين، ويجب أن يكون الجواز محل تقدير من الدول الأخرى ليتم تسهيل مهمة حامل هذ الجواز، الذي يعد أحد حقوق الإنسان الأساسية، كما أنه وثيقة مواطنة وإثبات للشخصية تصدرها الدولة لمن يريد السفر، حسب قول الخبير في الإدارة، الدكتور عبد الرحمن تيشوري.

ويشير تيشوري، في تصريح خاص لـ”هاشتاغ”، إلى ضرورة حماية جواز السفر، وهو ربما ما حاولت التنبه إليه وزارة الداخلية، بسبب الأزمة التي حصلت في البلاد منذ 12 عاما، وبالتالي القيام بالعديد من حملات التدقيق على إصداره، والبحث عن علامات امنية لحمايته من التزوير. ومع ذلك، فإن “واجب الدولة تنظيم إصدار الجواز بشكل سلس وسهل بحيث يحصل عليه المواطن وهذا حقه دون تعقيد ودفع رسوم”، كما يقول تيشوري، خاصةً وأنّ الوضع الاقتصادي الصعب دفع بالكثير من الشباب للسفر لتحسين الوضع، ما أدى للضغط على طلب إصدار جوازات السفر، قابلته إدارة الهجرة والجوازات بإجراءات، أغلبها معقدة.

ويورد تيشوري، مثالاً على ذلك، حين قسمت مدة الحصول على جواز سفر “مستعجل وغير مستعجل”، مضيفاً:” لست مع هذا الإجراء ولكني مع تنظيم الوثيقة ضمن رسوم محددة وغير مكلفة“.

وبالحديث، عن فرضية قيام الحكومة بضبط مسألة الهجرة المتزايدة، عبر وضع اشتراطات للحصول على جواز السفر يقول تيشوري:”إن إقناع الشباب بالبقاء لا يكون بتعطيل وتقييد جواز السفر، بل بإصلاح الأجور وتحسين المعيشة وتوفير فرص العمل؛ إذ توجد عدة وسائل للحماية ليست عبر دفع رسوم مالية، فهناك وسائل تشريعية وفنية وتقنية للحماية من التزوير، لا تعجز الحكومة عن توفيرها، فالحماية مطلوبة ضمن استطاعة المواطن مهما كان السعر“.

جواز السفر السوري.. “فوق“!

مع كل المتاعب والعراقيل التي يعاني منها العديد من السوريين للحصول على جواز سفر، إلا أن جواز السفر السوري بقي في مراتب متأخرة من بين أفضل الجوازات في العالم، ومع كثرة تعقيدات الحصول عليه وتكلفته الكبيرة، لا يزال يتبوأ المركز الثالث بين أسوأ عشرة جوازات في العالم قياساً على الدول التي تسمح لحامله بدخولها دون تأشيرة.

لكن تقريراً صحفياً تمّ نشره قبل أيام، تحدث عن ميزة لحامل جواز السفر السوري، وجاء فيه: “ربما تكون المرة الأولى التي يشهر فيها السوري جواز سفره بسموّ ليمنحه امتيازاً عن أقرانه وكأنه يُشهر إقامة شينغن أوروبية، فلطالما كان الجواز السوري وبالا على صاحبه، لكنه اليوم يمنح حامله القادم من أوكرانيا حق الحماية والبقاء في عدد من الدول الأوروبية دوناً عن نظرائه العرب“.

وحسب التقرير، فقد منحت ألمانيا وهولندا والسويد ودول أخرى كل شخص يحمل جواز سفر دولة عربية تعاني من حرب أو عدم استقرار وثيقة حماية مؤقتة صلاحيتها سنة، لذلك تميز السوري والعراقي عن حاملي جنسيات الدول العربية الآمنة الذين يقدم لهم واجب الإيواء لأسابيع ثم يُسَّفرون إلى بلدهم الأم.

 

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

Exit mobile version