Site icon هاشتاغ

السنة التحضيرية للكليات الطبية.. من منظور الدستور

“تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين”، هذا ما ينص عليه دستور الجمهورية العربية السورية عام 2012 في مادته الثالثة والثلاثين.

هاشتاغ-رأي-رشا سيروب
‎أين تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص عندما يكون معيار القبول الجامعي هو الثروة و/أو الدخل عند عدم تحقق شرط المعدّل، المعيار الوحيد لدخول التعليم العالي؟!

ليست الغاية من هذا المقال التشكيك في شهادات الجامعات الخاصة، فهي جميعها مصادَق عليها من وزراة التعليم العالي والبحث العلمي، وجميع خططها الدراسية معتمدة من ذات الوزارة، وأغلب الكادر التدريسي هم أساتذة من الجامعات الحكومية. فلا خصوصية أو تميز أو تفرد بين التعليم العام والخاص، إلا معدلات القبول، وهي صلب مقالنا اليوم. بالإضافة إلى القسط الجامعي .

وليست الغاية من هذا المقال التقليل من جهود الطلبة الذين دخلوا الجامعات الخاصة باعتبارها الخيار المتاح لهم. ولن أدخل في صوابية اعتماد معدل الشهادة الثانوية من عدمه كمعيار “يتيم” لتحديد مستقبل جيل كامل.

الهدف من هذا المقال، هو تسليط الضوء على أهم مبدأ من مبادئ المواطنة، وهو أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، فهل‎ المواطنون من طلَبَتِنا متساوون في الحقوق كما ورد في الدستور؟!

‎منذ عدة أيام صدرت نتائج المفاضلات في الجامعات الحكومية، والتي تبعها مباشرةً فورة في الاتصالات واستخدام العلاقات لتأمين “كرسي” من أجل التسجيل المباشر في الجامعات الخاصة.
‎ويختلف مستوى العلاقات ونبرة الاتصالات باختلاف الاختصاص المرغوب التسجيل فيه، ويزداد علوّاً وحدّة عند الرغبة في التسجيل في الكليات الطبية رغم ارتفاع أقساطها.
‎والسبب، هو سياسة الكيل بمكيالين. حيث يتم تطبيق السنة التحضيرية على الكليات الطبية في الجامعات الحكومية رغم ارتفاع معدلات القبول فيها مقارنةً بالجامعات الخاصة المستثناة منها. ويتم لاحقاً إجراء مفاضلة الفرز بين الطلاب في نهاية السنة التحضيرية على أساس المعدل التفاضلي الناتج عن جمع نسبة 40%من معدل الشهادة الثانوية ونسبة 60%من معدل السنة التحضيرية.
‎علماً أن معيار التأهل (أو ما يسمى الحدود الدنيا) للمفاضلة من أجل التسجيل في السنة التحضيرية في الكليات الطبية في الجامعات الحكومية أكثر بما يقارب 30 درجة للتأهل للمفاضلة من أجل التسجيل في إحدى الكليات الطبية في الجامعات الخاصة (حيث أن معدل القبول للتسجيل في مفاضلات الجامعات الخاصة هي 1872 لكليتي الصيدلة وطب الأسنان، و1992 لكلية الطب البشري). أي أن شرط المساواة في الحقوق غير محقق في بندين: البند الأول المعدّل، والبند الثاني الفرز بعد السنة التحضيرية‎، الذي بناءً عليه يتم تحديد الاختصاص الطبي بين الصيدلة أو طب الأسنان أو الطب البشري، أو يتم تسوية أوضاع الطلبة الذين لم يقبلوا في الاختصاصات الطبية، إلى اختصاصات أخرى غير الطبية.

وبهذا فإن الطالب المسجل في الجامعة الخاصة اختار اختصاصه بناءً على رغبته وملاءته المالية، أما في الجامعة الحكومية فهو معرّض لفقدان الاختصاص الطبي الذي يرغب، وحتى كافة خيارات الكليات الطبية.

أين هي مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة التي يقوم عليها المجتمع في سورية وفق لما ورد في نص الدستور السوري (المادة 19)؟!
وكيف يمكن لنظام التربية والتعليم إنشاء جيل متمسك بهويته وانتمائه ووحدته الوطنية (المادة ٢٨)، فيما مبدأ المساواة بين المواطنين “منقوص”؟!

‎أليست “السنة التحضيرية” والفوارق في معدلات القبول بين الجامعات الحكومية والخاصة زرعاً وتعزيزاً لفكرة الطبقية في أذهان جيل من الشباب، بأن من يملك هو من لديه خيار المفاضلة بين الفرص، ومن لا يملك فليكن مصيره للقدر
.
‎النعرات الطبقية أشد وطأةً وأثراً من النعرات الطائفية أو المناطقية التي سرعان ما تتماهى وتتلاشى عند تحقق المساواة أو تقاسم المصالح، أما النعرات الطبقية فلا شيء يطفئها، بل إن وجودها يُذكي نيران اختلال المجتمع.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version