Site icon هاشتاغ

السوريون في لبنان.. هروب من الجحيم إلى الجحيم

هاشتاغ-عبيدة فخر الدين
“فقدت أموالي قيمتها، وما كنت أدخره أصبح لا يساوي شيئاً”، بهذه الكلمات عبّر محمود، الشاب السوري الثلاثيني عن خيبته بعد الانهيار الكبير الحاصل في لبنان الذي صنّفه البنك الدولي واحداً من أسوأ ثلاث أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر، في تقرير بعنوان “لبنان يغرق”.
يتابع محمود المقيم في لبنان منذ 2015 إثر مغادرته مدينته درعا نتيجة ظروف الحرب وسوء الأوضاع المعيشية أن راتبه من خلال العمل بمجال “الأراكيل” كان يتجاوز ما قيمته 600$ “كنت بدفع الأجار وباكل وبشرب وبيزيد معي لخبي” أما الآن ” يا دوب باكل وبشرب” بعد أن فقدت الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها وسقف الرواتب لا يزال على سعر الصرف القديم 1515 ليرة وهو ما يعادل 675 ألفاً بالمقابل راتبه لا يزال مليون ونصف مليون ليرة أي ما يعادل 75 دولاراً، حسب سعر الصرف في السوق السوداء (23 ألفا).
أرخى الانهيار الاقتصادي الذي ترافق مع احتجاجات 17 تشرين في 2019 وتراكم السياسات الاقتصادية الخاطئة منذ أكثر من 30 عاماً بظلاله على السوريين المقيمين في لبنان فأصبح “الوجع وجعين”؛ وجع التغّرب عن الوطن ووجع ضنك المعيشة الذي بات يرافق كل من يقطن لبنان.
هذا الوجع عبر عنه خالد عامل “ديلفري” الذي كان يجني ما يزيد عن 700 دولار بين راتب شهري و “البقشيش” أما الآن فهو يعاني من أزمة خانقة ألا وهي توفير سكن له بعد أن طالبه صاحب البيت بدفع الإيجار بالدولار وهو لا يزال يأخذ معاشه بالليرة اللبنانية، يقول: “اضطررت أن أخرج من منزلي الذي سكنت فيه منذ 5 سنوات لأن صاحب البيت يريد الإيجار بالدولار بينما راتبي على الليرة لا يتجاوز المئة دولار” .
كما لا يمكن إغفال مشكلة مهمة عانى منها السوريين في بلاد الأرز وهي المواصلات، إذ يفتقر لبنان إلى المواصلات العامة، وليس كل المناطق مخدّمة بالـ “الفانات” أو باصات الدولة، مما يضطر العديد إلى ركوب “تكسي سرفيس”، خصوصاً بعد رفع الدعم الكلي عن المحروقات التي ترافق معها ارتفاع أجور المواصلات بشكل جنوني، وبحسبة بسيطة فإن العامل مضطر لدفع ما يقارب 800 ألف ليرة لبنانية شهريا كمواصلات، وهو ما يعادل نصف الراتب لمن ما يزال يتقاضى أجره على سعر صرف المصرف المركزي.
أما إذا دخلنا في تفاصيل الطعام والشراب، سنجد أن الكثير من الأمور تم الاستغناء عنها في ظل الارتفاع اللامعقول للمواد، هذا فضلاً عن العديد من الأمور الأخرى، إذ يجب على السوري أن يصلي يومياً لربه كي لا يمرض أو أن يصاب حتى بأنفلونزا عادية، لأنه قد يضطر لدفع أرقامٍ فلكية للأدوية وكشفيات الأطباء، هذا بعيداً عن دخول المستشفى الذي بات أشبه بمهمة مستحيلة، والموت على أبواب المشافي سمة عامة في هذه البلاد!
بالإضافة إلى هذا كله لا يمكن أن ننسى كيف انخفضت قيمة تحويلات المغتربين إلى أهلهم في الداخل السوري، فالبعض كان معيلاً لأسرته، وكان بإمكان الكثير من الشباب السوريين المقيمين هنا إرسال ما يقارب 200 دولار شهريا، ولكن مع توالي الأزمات أصبح الراتب يكفي فقط للطعام والشراب، حتى أن فكرة الهجرة وترك لبنان باتت شبه مستحيلة لسبب مهم ألا وهو تكلفة تجديد جواز السفر وهو ما يثقل كاهل الشاب الذي بات راتبه لا يتعدى 100 دولار، في حين أن تجديد الجواز يحتاج إلى 325 دولاراً! أي يحتاج إلى عمل لمدة ثلاثة أشهر ليستطيع فقط تجديد جوازه!
يبدو أن مقولة “سوا ربينا” باتت أمر واقعاً، فالأزمات تتشابه في كلا البلدين؛ سورية ولبنان، على صعيد كافة الانهيارات؛ اقتصادية واجتماعية وأمنية، ويبقى الجحيم يلاحق السوري أينما حل.
دائما ما كان يتردد على أسماعنا عبارة “شعب واحد في بلدين” إلا أن الحقيقة باتت “جحيم واحد في بلدين”.

لمتابعة المزيد من الأخبار انضموا إلى قناتنا على التلغرام https://t.me/hashtagsy

Exit mobile version