Site icon هاشتاغ

السويداء.. الاضطرابات الخطرة

خطوط حمراء

هاشتاغ_مازن بلال

بغض النظر عن التفاصيل التي رافقت تظاهرات السويداء، إلا أن هذا الحدث يخلق سياقاً جديداً في الأزمة السورية، فرغم أن محافظة السويداء لم تكن بعيدة عن الاضطرابات التي بدأت عام 2011، لكنها بقيت محتفظة بحالة خاصة أبعدتها عن المسار السياسي الذي تبلور بعد عام من بدء الأزمة، وفي نفس الوقت فإن تعامل الحكومة مع المحافظة ككل كان مختلفا مما جعلها خارج مساحة الشد والجذب، ومع تزايد التهديدات الإرهابية تجاهها فإن الشكل العام الذي اتخذه الوضع الأمني للمحافظة كان يذهب نحو الدفاع الذاتي.

في السويداء كانت تأثيرات الأزمة تتخذ شكلا من تشظي الحالة الأمنية، وهي مسألة تصاعد خطرها خلال الأعوام السابقة، والمظاهرات الحالية التي بدت كرد فعل على الحالة المعيشية إلا أنها في العمق تحمل هاجسا من عدم القدرة على الانسجام مع التبدلات التي طالت سورية، فخصوصية السويداء ليست في طبيعة سكانها بل في كونها مجاورة لحوران التي مازالت رغم المصالحات تعيش حالة أمنية خاصة.

منذ بداية الأزمة كان من الصعب على “الفصائل المسلحة” التعامل مع “جبل العرب” ككل، لأن هذه الفصائل اتخذت طابعا طائفيا متطرفا، وفي نفس الوقت فإن أجهزة المعارضة في الخارج لم تنظر إلى محافظة السويداء إلا من باب الحذر؛ لأنها كانت ترى خطرا على “هوية المعارضة”، فهناك حالة إقصاء واضحة لهذه المحافظة قابلها مرونة من قبل الحكومة السورية، وهذه الحالة بحد ذاتها حملت مفارقة يمكن ملاحظتها بأمرين:

الأول أن الإقصاء الذي مارسته المعارضة لم يكن حالة شاذة، فهي أقصت مكونات سياسية وعرقية ومذهبية من رؤيتها لسورية، والسويداء كانت بالنسبة لها هدفا عسكريا إن صح التعبير، حيث شهدنا مناوشات واجتياحات تشبه ما حدث في الشمال الغربي لسورية في محافظة اللاذقية.

عملياً لم تمارس أجهزة المعارضة في الخارج إقصاء سياسيا ضد السويداء، بل ديموغرافيا بالدرجة الأولى، رغم أن هذه المحافظة كان لها دورا في الاحتجاجات وعلى الأخص مدينة شهبا، فالإقصاء كان لصالح هوية خاصة للمعارضة نقضت بشكل فعلي “العقد الاجتماعي” الأساسي لسورية الذي تبلور خلال الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي، ومن هنا فإن الإقصاء كان يعني بالنسبة للسويداء في مراحل الاضطراب الأولى خطرا حقيقيا يصل إلى حد الإلغاء، فالمسألة بدت كنوع من إنهاء شرعية التنوع السوري لصالح اللون الذي عبرت عنه أسماء الفصائل المسلحة المغرقة في التطرف.

الأمر الثاني ظهر في المرونة التي أبدتها الحكومة السورية، فكانت مرونة استرضاء أكثر من كونها مرونة تأسيس لحالة سياسية، وهذا الأمر أنتج لاحقا انقسامات داخل مجتمع محافظة السويداء، وفاقم الأمر تأخر الحل السياسي الذي يبدو كحالة عائمة على الرغبات الإقليمية والدولية.

المكونات السورية هي مكونات “سيادية” بامتياز لأنها أنشأت الجمهورية الأولى بعد الاستقلال، ورغم أن “العقد الاجتماعي” الذي اتضح خلال الثورة السورية الكبرى عبر الأدوار التي لعبتها هذه المكونات هو عقد غير مكتوب؛ لكنه شكل هوية ثقافية إن صح التعبير خلال المراحل اللاحقة للاستقلال، وهذه المكونات تحتاج بعد الاضطراب إلى حالة سياسية بغض النظر عن الحل السياسي الذي يتم التحضير له خارج سورية، فسواء تعلق الأمر بالسويداء أو غيرها من المناطق فإن الشأن الأساسي يرتبط بثنائية الحل السياسي – المعيشي لأنهم على ما يبدو متلازمٓين، وذلك بعيدا عن الحلول السياسية في الخارج.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version