Site icon هاشتاغ

السياسة وصراع المشاريع الاقتصادية الدولية

هاشتاغ – أيهم أسد

لا يمكن تحليل العلاقات الدولية إلا من خلال النظر إليها على أنها بنية معقدة، يتفاعل فيها السياسي مع الاقتصادي مع الجغرافي، وبالتالي فإن إعادة تشكيل تلك البنية خلال فترات التاريخ إنما يعكس بشكل واضح صراع المصالح الاقتصادية والسياسية، والذي يعكس بدوره صراع القوى الكبرى والعظمى فيما بينها.

وما المشاريع الاقتصادية الدولية الكبرى والتحالفات الكبيرة بين الدول، التي يعيشها الاقتصاد العالمي، إلا خير دليل على محاولات استمرار السيطرة على الاقتصاد العالمي بطرق مختلفة ومحاولات الحفاظ على المصالح الحيوية الاقتصادية والسياسية وتطويرها لاحقاً.

ولو نظرنا اليوم إلى عدد التحالفات والمشاريع الاقتصادية والمجموعات الاقتصادية الدولية الموجودة على الساحة الاقتصادية الدولية لوجدناها كثيرة جداً ومن أهمها على الإطلاق دول مجموعة دول العشرين ومشروع الحزام والطريق ومجموعة البريكس وآخرها ما تم إطلاقه منذ أيام قليلة وهو مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ودول الخليج وصولاً إلى أوروبا.

أقرأ المزيد: الاقتصاد السوري وأثر الكوبرا

ووفقاً لأي من المشروعات الاقتصادية الدولية السابقة، وغيرها طبعاً، فإن جوهر ما تعكسه هو نزعة التوسع الاقتصادي الدولي من جهة ونزعة السيطرة على أجزاء أكثر من الجغرافيا الاقتصادية الدولية، وبالنتيجة السيطرة والتحكم بموارد تلك الدول.

أعتقد بأن تلك المشاريع والتكتلات الاقتصادية الدولية هي في جوهرها مسألة ربط سياسي بين تلك الدول أكثر منها مسألة ربط اقتصادي وتوسيع أسواق وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، لكن لماذا أقول ذلك؟

لأن التبادل التجاري والاستثماري بين أي من تلك الدول المنضمة تحت أي من المشروعات هو موجود سلفاً ولو بدرجات مختلفة قبل إنشاء المشروع أو التكتل وهو ما لا يؤدي إلى مزيد من التبادل التجاري والاستثماري.

أقرأ المزيد: سعر الصرف واقتصاد المعلومات

ولأن هناك اختلافات تنموية واقتصادية كبيرة جداً بين الدول المنضمة تحت أي من المشروعات، وقد يصل ذلك التفاوت إلى حالة اختلاف بنيوي تام بين بعض الدول، وهو ما يشكل أعباء تنموية على الدول البقية!

ولأن هناك أنظمة سياسية تقود تلك الدول المنضمة تحت أي من تلك المشروعات مختلفة تماماً فيما بينها بل تصل لدرجة التفاوت التام بين نظم سياسية ملكية ورئاسية وبرلمانية لتلك الدول كما أن هناك اختلاف في طرق صنع القرارات الاقتصادية الدولية وقرارات السياسية الخارجية.

وباعتقادي الشخصي، فإن المردود الاقتصادي لتلك المشروعات ليس بمستوى المردود السياسي الدولي لها وخاصة بالنسبة للدول الصغيرة التي تبحث عن حماية سياسية دولية بأشكال مختلفة أو حتى بالنسبة للدول الراغبة بتوسيع وتوطيد نطاق حمايتها السياسية تحت الغطاء الاقتصادي الدولي.

وبالنتيجة، يمكن القول بأن تلك المشروعات والتكتلات والتحالفات تأتي انعكاساً لصراع سياسي دولي بين الدول الكبرى أكثر من كونها تأتي احتياجاً لمتطلبات تنمية دولية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version