Site icon هاشتاغ

سوريا.. الصراعات المفتوحة

هاشتاغ-رأي- مازن بلال

يصعب تصور نصر أو هزيمة مطلقتين في حروب الشرق الأوسط، فالتوازنات المفروضة تجعل من الحروب المفتوحة هوامش اختبار لتوازنات جديدة.

 

وفي ظل نظام دولي يتسم بعدم الاستقرار فإن الصراع على غزة يصبح تجميعا لأوراق القوة، أو مساحات مفتوحة لتعديل التوازنات المتأرجحة منذ بداية ما سُمي بـ”الربيع العربي”.

 

فبعد مائة يوم من الحرب تبدو القوى المنهكة على طرفي الصراع تقاوم على جبهة شروط وقف المعارك؛ أكثر من محاولتها كسب المعركة.

 

كانت الحرب على غزة انعطافة في مجرى العلاقة بين “إسرائيل” ومحيطها العام، حيث تجاوزت كل معايير الصراع العربي – “الإسرائيلي” سواء على مستوى الزمن أو القوة التدميرية المستخدمة.

 

واخترقت “القاعدة الذهبية” في حسم المعارك بسرعة لتصبح قتالا لا يمكن حساب مآلاته، فرغم أن “إسرائيل” لم تحقق أي هدف عسكري أو سياسي.

 

ولكن الجانب الآخر سيجد مع أول يوم لتوقف الحرب أنه أمام أرض محروقة ومضطر للخضوع لشروط “إعادة تأهيل” القطاع، وذلك بغض النظر عن الجهات التي يمكن أن تساعده بذلك.

 

لكن الأمر لن يقتصر على غزة أو الساحة الفلسطينية، فالحرب أوضحت أيضا ثلاث أمور رئيسة لا يمكن تجاوزها في حال توقف المعارك:

 

الأول أن خطوط الصراع جمعت الأزمات الإقليمية في سلة واحدة من العراق إلى اليمن، مرورا بسورية ولبنان، وفي كل تلك الدول كان من الصعب التحكم بالتوترات التي خلفتها الحرب.

 

فبعيدا عن التأثيرات العسكرية للضربات من اليمن أو العراق، لكنها خرقت حاجزا أساسيا في مسألة تطويق الصراعات.

 

الثاني يرتبط بالشرق الأوسط عموما الذي أوضحت الحرب صورته الفاقعة بين شمال مشغول بالحروب، وجنوب يغير الصورة النمطية لثقافته ولآليات التنمية لديه.

 

فباستثناء اليمن تحتفي شبه الجزيرة العربية عموما بمهرجانات ثقافية وفنية وغيرها بالتزامن مع رائحة الحرب في فلسطين ولبنان.

 

أخيرا فإن الجبهة اللبنانية بذاتها توضح أن التماس “الإسرائيلي” سيبقى خط توتر رغم كل محاولات خفض التصعيد.

 

فالجنوب اللبناني ليس جزءا جغرافيا على الأقل من الصراع في غزة، لكنه قابل للاشتعال بحكم الواقع اللبناني الهش على المستوى السياسي.

 

حرب غزة أشعلت الشمال السوري أيضا لأنها أتاحت فرص تصفية الحسابات التركية مع قسد، وتعديل موازين القوة طالما أن الولايات المتحدة لديها هموم أكبر من المسألة الكردية والإدارة الذاتية في الشمال الشرقي لسورية.

 

وحسابات أنقرة وإن بدت ردودا عسكرية على بعض التحركات الكردية، لكن في العمق تطوير لمستوى الانخراط التركي في حسابات المنطقة عموما.

 

السؤال المطروح وسط دماء الغزاويين وشهداء هذا القطاع المنكوب: هل الحرب ستصل إلى “حزمة” حل سياسي؟

 

بالتأكيد فإن الجواب على مثل هذا الأمر يبدو في البعد النظري سهلا، فالحرب دفعت الدور القطري كوسيط سياسي لأشواط بعيدة، ولكن الحسابات أكثر تعقيدا مما تقوم به الدوحة.

 

فحزمة الحل السياسي لا يمكن أن تقوم على ضمانات إقليمية، والولايات المتحدة ترى في مثل هذه الأدوار مجرد نافذة للدخول بقوة نحو طرح سياسي كامل.

 

فالنصر المطلق أمر غير وارد والهزيمة النهائية مستحيلة أيضا بينما رهان يبقى على قدرة هذه الحرب في خلق توازنات جديدة.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version