Site icon هاشتاغ

الصراع على المعابر

الصراع

الصراع على المعابر

هاشتاغ _ مازن بلال

يقدم الخلاف حول إيصال المساعدات إلى سوريا الصورة الأعمق للصراع الدولي المحتدم منذ بداية الأزمة، فالخلافات في مجلس الأمن ليست تقنية فقط بل تنطلق أيضا من التناقضات في الرؤى على شكل الحرب السورية، وبالعودة السريعة إلى بداية الأزمة فإن “المنافذ الحدودية” كانت محورا أساسيا ابتداء من “درعا” ومرورا بالمعابر اللبنانية وأخيرا نقاط الاتصال مع العراق التي احتلتها داعش قبل اجتياحها للشرق السوري.

كان التكتيك الرئيسي هو خروج المعابر عن سلطة الدولة بشكل يفرض حصارا على دمشق، وخلال سنوات الحرب كانت قناعة الدول الداعمة لـ”المجموعات المتمردة” حسب وصف الصحف الأجنبية كسر الاتصال بين سوريا وجوارها، مما سيؤدي إلى انهيار الدولة بالكامل، وخلال فترة زمنية لا تتيح لحلفاء دمشق بالتدخل الفعال، وجرت أشرس المعارك على هذه المعابر خصوصا باتجاه الغرب على الحدود اللبنانية التي باتت المنفذ السوري الوحيد.

ما يحدث على مستوى الأمم المتحدة اليوم هو إعادة تشكيل الأزمة على مستوى شرعية وسيادة الدولة، فالفارق بين تمديد إيصال المساعدات عبر باب الهوى 6 أشهر أو 8 يشكل إثارة جديدة على مستوى “التدخل الإنساني”، وهو البند الذي سمح للقوات الأوروبية بالتدخل في ليبيا، ورغم أن مسألة التدخل العسكري المباشر مستبعدة، لكنها ضمن الأبعاد السياسية تطرح أمرين:

الأول تجاوز التوافقات القديمة في إيصال المساعدات وتمديدها بشكل روتيني؛ يعني أن الرؤية الأمريكية والأوروبية لم تعد تبحث عن توافقات على المستوى الدولي، وهو تراجع واضح لتفاهمات أدت لمفاوضات جنيف وللعملية السياسية عموما.

تمديد الفترة الزمنية يشكل في الظاهر خلافات تقنية لكنه يعيد طرح جعل الحدود السورية ضمن إطار التدويل، وهو ما تعتبره موسكو تجاوزا يمكن أن يفتح الباب لإعادة النظر بكل التفاهمات التي حدثت على مسار الأزمة السورية، بما فيها قواعد الاشتباك في الأجواء السورية، والملاحظ أن هذا الأمر يظهر اليوم على سطح الخلافات الأمريكية – الروسية في سوريا.

الثاني هو ما تراه سوريا في سيادتها على المعابر الحدودية التي بقيت موضع صراع فقط في الشمال السوري، حيث تعتبر دمشق أن الأمر الواقع على تلك المعابر يمكن تسويته من خلال التفاوض مع تركيا وهو ما حدث بالفعل، أما في حال خضوع هذه المنافذ الحدودية لقرارات أممية فسيهدد سيادة الدولة ووحدة أراضيها.

منطق دمشق ينطلق من إقرار “لا شرعية” الواقع العسكري في الشمال السوري، وعدم التعامل مع الجهات الرسمية بخصوص المعابر هو بداية الاعتراف الدولي بالواقع القائم في الشمال وعلى الأخص في محافظة إدلب، ومع طرح دمشق لمبادرة من طرف واحد بشأن إدخال المساعدات عبر باب الهوى لمدة ستة أشهر؛ فإنها رسمت مساحة لنوعية النفاذ الأممي باتجاه مناطق الشمال، وفي الوقت الذي وصف فيه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوشا) شروط دمشق بـ”التعجيزية”، فإن الحكومة السورية تريد وضع الهلال الأحمر السوري كتعبير عن الشرعية وليس للسيطرة على طرق المساعدات، فالتفكير السوري يتجه نحو “قلق” من تغير التعامل مع وحدة الأراضي السورية.

التناقض في مدة إيصال المساعدات الإنسانية ينقل التناقض الدولي حول سوريا، ويطرح مشكلة إبقاء الوضع السوري ضمن دائرة الخلافات التي تتجاوز أي انفراجات قائمة اليوم بين دمشق ومحيطها العربي والإقليمي، فالدبلوماسية بهذا الخصوص تواجه تحديات تحتاج إلى أكثر من انفراج أو تنسيق، لأنها في النهاية تمس العلاقات الإقليمية عموما.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version