Site icon هاشتاغ

الطريق بين أنقرة ودمشق!

هاشتاغ_ رأي مازن بلال

رغم نفي دمشق للتسريبات التي تتحدث عن “لقاءات” سورية – تركية إلا أنها تطرح مؤشرات سياسية، فهناك “مأزق سياسي” حقيقي بالنسبة لأنقرة مرتبط بالشمال السوري والتواجد الأمريكي الداعم لقسد.

وبالرغم من أن الموضوع ليس جديدا لكن الظروف الدولية تدفع إلى النظر للعلاقة بين أكراد سورية وواشنطن بشكل مختلف، حيث تطرح الحرب في أوكرانيا إمكانية تحولات مختلفة في العالم، وذلك بغض النظر عن النتائج المباشرة للحرب على روسيا والولايات المتحدة.
المقاربة الأساسية التي تنظر إليها تركيا للتواجد الأمريكي في الجزيرة السورية ينطلق من “معادلة التوازن”، فأنقرة غير قادرة على “الحياد” في موضوع الدعم الأمريكي لقسد، ولا تستطيع تثبيت دورها الإقليمي في ظل توتر علاقتها مع واشنطن نتيجة هذا الدعم، وبالرغم من أنها أطلقت مجموعة عمليات عسكرية في الشمال السوري، إلا أن توزيع الفصائل العسكرية الموالية في مواجهة “قسد” لم يشكل أي فارق سياسي، فواشنطن متواجدة في الجزيرة السورية لخلق توازن في موازاة الوجود الروسي في سوريا.
عمليا، فإن تركيا تستوعب معظم المجموعات المسلحة السورية، وهذه الورقة استنفذت أهميتها مع استعادة دمشق السيطرة على أراضيها بعد عام 2018، وهو ما دفع أنقرة إلى دفع هذه المجموعات للانتشار في الشمال السوري في وجه قسد، لكن تلك المواجهة فشلت في التأثير على بنية “قسد” لسببين:
الأول أن قوة “قسد” الحقيقية لا ترتبط بقدراتها العسكرية، إنما بالأمر الواقع الذي تفرضه الولايات المتحدة في منطقة الجزيرة السورية، ويتبع هذا الموضوع رغبة أمريكية في عدم إتاحة مساحة واسعة أمام موسكو تحديدا للتحكم بالتوازن في شرقي المتوسط، فالعلاقة الأمريكية مع “قسد” هي مواجهة مع موسكو وليست مع أنقرة.
لم تفتح الولايات المتحدة أي مخرج سياسي خلال العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فاوض الأتراك لوقف العمليات العسكرية فقط؛ دون وعود سياسية على مستوى الدور التركي إقليميا، بينما ترى الإدارة الحالية الوضع الإقليمي من زاوية مختلفة تماما، فتعزيز تموضعها السياسي في سورية مرتبط بجملة أوراق تفاوضية مع موسكو، وله أيضا رمزية في مواجهة طهران على الأخص مع عودة التفاوض حول الملف النووي الإيراني.
الثاني أن القوة الموجودة من المجموعات المسلحة الموالية لتركيا في الشمال السوري لا تشكل نسيجا منسجما، وأغراضها السياسية ملتبسة بالنسبة لأنقرة، فهي أعلنت أكثر من مرة أن الغرض من “الشريط العازل” توطين اللاجئين السوريين، لكن هذا الهدف لم ينجح لأنه غير واقعي، وخلق حالة فوضى وصراعات بين المجموعات.
تبحث تركيا اليوم عن صيغة توازن تجمعها مع عدد أكبر من الأطراف الإقليمية، وتأتي سورية في المقدمة لأن “قسد” تشكل عدوا مشتركا إن صح التعبير، لكن دمشق غير معنية بخوض صراع مسلح مع قسد يعمق الشرخ الاجتماعي، وهو ما يجعل العلاقة بين أنقرة ودمشق في هذا الموضوع غير ثابتة.
في المقابل فإن إنهاء التوتر السياسي ولو جزئيا بين البلدين سيسهل المهمة الروسية، ويضع واشنطن في موقف سياسي جديد، ومن هذه الزاوية تحديدا تظهر التسريبات حول لقاءات سورية – تركية كاختبار للتموضع الأمريكي، ولخلق هوامش أمام أنقرة وموسكو لترتيب أوراقهما الإقليمية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version