Site icon هاشتاغ

الفقر والغلاء.. يعيد طرق تداوي الأجداد بالأعشاب

هاشتاغ – رفاه نيوف

 

أيام وتبدأ رحلة البحث عن النباتات الطبية والعطرية في جبال الساحل السوري ، فمع حلول فصل الربيع تتوجه النسوة مع خيوط الفجر الأولى نحو الجبال, وخاصة تلك المحيطة بالينابيع لجمع ما تيسر لهن من الأعشاب التي تعد مونة لفصل الشتاء.

 

تستخدم الأعشاب لمعالجة العديد من الأمراض، بعدما أصبحت بديلاً للدواء عند الكثير من الأسر.

 

“الشكوى لغير الله مذلة ” هكذا بدأت أم إبراهيم حديثها لـ “هاشتاغ” وتابعت عندما كان الدواء رخيصا لم يكن لنا القدرة على شرائه ، فكيف اليوم بعد هذه الأسعار الكاوية؟

 

تتابع أم إبراهيم أن الدواء أصبح غير متاحاً لمثل أسرتها من الفقراء، وأن البحث عن بدائل لعلاج أمراضهم خيار لا بديل عنه. وترى في هذا عودة لنهج الآباء والأجداد.

 

تقول إنها تعمل على جمع (الزوفا، والزعتر البري، والميرمية)، بل وكل ما تراه أمامها في رحلة بحثها.

 

انقرضت

 

تضيف رفيقتها في البحث عن الأعشاب أم محمد أنه خلال السنوات الأخيرة تراجع نمو الأعشاب الطبية ، حتى أن بعض الأنواع انقرضت، ولكن مع ذلك نجوب الجبال القريبة منا بحثا عن هذه الأعشاب التي أصبحت ملاذنا الوحيد رغم قلتها.

 

المحاضر في الطاقة والروحانيات وطب الأعشاب سامي الأسعد يقول إنه لا يوجد طب بديل وإنما طب متمم، فهناك أعشاب تساعد في علاج الكثير من الأمراض كالبابونج الذي يستخدم لعلاج كل أنواع الالتهابات.

 

أضاف أنه من خلال خبرته عالج الكثير من الأمراض، بالغذاء فقط وبالاعتماد على نظام “الكيتو” الذي يقوم على الحمية كأمراض السكر والضغط ، وأكياس المبيض عند الفتيات حيث تعالج بإكليل الجبل والمردقوش.

 

أما نزلات البرد فتعالج من خلال قضم فصين من الثوم ورميه بعد علكه. وبين أن هناك أعشاب لكل الأمراض، حتى أمراض العقم والكولون العصبي والتقرحي والإمساك والإسهال ومشاكل البشرة والشعر والبواسير والبروستات والنمش والكلف وغيرها.

 

ويؤكد المهتم بالنباتات الطبية والعطرية محمد جنيدي بأن أجدادنا ومنذ القدم استخدموا هذه النباتات كجزء من حياتهم اليومية ، وقد توفرت أنواعها بكثرة في الساحل السوري سهلا وجبلاً, حتى وصلنا اليوم إلى انقراض العديد منها وأهمها (الزعتر الجوي الناعم. والزوفا)، وذلك بسبب الجني الجائر وبيعها للتجار بأسعار بخسة.

 

وقال إن هنالك ردة كبيرة للتداوي بالأعشاب وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأدوية فوق طاقة الناس وإمكاناتها.

 

بالإضافة إلى خلو الأعشاب من الآثار الجانبية ولفاعلية العديد من الأعشاب في علاج بعض الحالات (كاللاشمانيا والأكزيما والقلاع وغيرها).

 

عودة للتداوي بالأعشاب

 

رئيس دائرة الحراج بزراعة طرطوس الدكتور فادي ديوب قال لـ “هاشتاغ” : إنه خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين بدأت الأنظار تتجه نحو التداوي بالأعشاب والاهتمام بالنباتات الطبية وذلك لعدة أسباب ومنها رخص ثمنها وفعاليتها وقلة آثارها الجانبية.

 

وبين أنه تنمو في الغابات والحراج المحلية العديد من النباتات الطبية التي كانت تستخدم بشكل واسع فيما مضى, حيث كانت هذه النباتات تنمو بشكل عفوي في الطبيعة.

 

وبين أنها كانت كافية لسد حاجة السكان المحليين، أما الآن ومع ازدياد جمعها ورواج استخدامها خاصة بعد ارتفاع أسعار الأدوية الصناعية، تراجع المتاح منها, وأصبحت بعض الأنواع نادرة جدا وبعضها انقرض.

وبين أن الحاجة أصبحت ماسة لاستزراع النباتات, وقد عملت وزارة الزراعة على تشجيع استزراع النباتات خاصة بعد الحرائق التي ألمت بمحاصيل الزيتون والحمضيات.

 

وأن الزراعة قدمت مقترحات لاستبدالها بزراعة الأعشاب الطبية خاصة كمصدر تعويض سريع نسبيا, وقال ديوب إنها زراعتها حققت فرص داعمة من خلال:

تصديرها كمواد أولية دوائية، فالنباتات الطبية البرية غير كافية لتغطية الكميات المطلوبة للصناعات الدوائية التي تعتمد على المواد الأولية طبيعية المنشأ.

 

إضافة إلى ما يحتويه النبات الطبي المزروع والمحسن على نسبة أكبر من المكونات الفعالة مقارنة بالنباتات البرية، وكذلك ندرة النباتات الطبية ضمن معايير الإنتاج الفعلي لتأمين الإنتاج المضمون.

 

فالزراعة تعطي إمكانية للتحكم في جعل النبات المزروع ذو مواصفات نوعيه, وعلى مستوى السوق العالمية.

 

وبين أن مديرية الزراعة تعمل على إدخال بعض أنواع النباتات الطبية البرية النادرة في خطة إكثار المشاتل الحراجية.

 

وأضاف بأن أغلب النباتات الحراجية سواء أكانت طبية أم عطرية تتمتع بخواص طبية سواء كانت شجرة أو شجيرة أم عشبية ومن الأنواع السائدة والمعروفة أيضاً الموجودة ضمن الحراج : (الزعتر البري بنوعيه ، الريحان ( الأس) ، الخرنوب ، ، الشمرا ، القبار، الخبيزة شقائق النعمان ، السرو الوزال ، الأيفدرا ، الختمية ، القراص ..الخ).

 

ليس بديلاً

 

أجمع من التقيناهم من أطباء بأن ارتفاع أسعار الدواء, و صعوبة المواصلات وارتفاع أجور التداوي دفع العديد من الأسر إلى تجنب عيادات الأطباء وشراء الدواء, والعودة للطب الشعبي.

 

وأنهم لا ينكرون دور طب الأعشاب الذي دخل في تركيب أنواع كثيرة من الأدوية، إلا أنه لا يمكنه أن يعالج جميع الأمراض ومنها بعض الأمراض المستعصية التي عجز عنها الطب الكيماوي.

 

وأن هناك إثباتات لا مجال لذكرها هنا، وإذا تحقق العلاج من بعضها فقد تلعب الراحة النفسية دورا هاما في الشفاء.

 

أضاف الدكتور يوسف مصطفى نقيب أطباء طرطوس بأن التداوي بالأعشاب لا يمكن أن يكون بديلا عن الدواء, فبعضها قد يغير الخارطة المرضية ويشتت الطبيب في التشخيص الصحيح للمرض.
Exit mobile version