Site icon هاشتاغ

اتهامات بالجملة…

هاشتاغ _ نضال الخضري

يمارس الفنان حقه في رسم خيالات مركبة، ومساحات يمكن للإبداع أن يُبحر بها دون التساؤل عن ردود الفعل، أو التفكير بأن برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو حتى صحفي يمكن أن يتلقف هفوات هي من طبيعة الحياة، فهذه “الخيالات المركبة” هي كل ما تبقى لأي مبدع بعد ما أنتجته العلاقات في زمن التواصل الاجتماعي، والإعلام الذي يريد استنطاق “الضيف”، ووضعه في مواقع مختلفة تتراوح من الدراما إلى الفكر الفلسفي!!

في عالم يصبح فيه “الاتهام” حالة من خطف الأبصار يمكن أن نفقد روح الشغف للفنان، وحس الجمال للمبدع مهما كان اختصاصه؛ عندها نحتاج لـ”الخيالات المركبة” التي تخرجنا من عناوين اللقاءات السريعة، والمقابلات التي تحاول “هتك” مساحة الممثل الضيف الذي يجد نفسه في مواجهة مع زخم الاختصاصات التي تصفعه بالأسئلة، فيتلبس الأدوار التي اختبرها في مسيرته الفنية، ويضطر للتعامل مع التاريخ والفلسفة والعلم بينما تبقى الدراما خارج كل المسائل.

“الخيالات المركبة” ليست تهويمات.. هي فضاء الفنان الذي يستغله الإعلام لسحب الضيف باتجاهات عشوائية، وربما كانت لقاءات عباس النوري نموذجا لتعمد الإعلام كسر ضوابط الفن، وجر الفنان لتحليل سياسي أو فكري أو تاريخي لا يحمل أي هدف سوى إثارة جدل خارج أي مقياس علمي، فالمسألة لا تتعلق بالفنان عباس النوري فقط إنما بالشكل الذي يبنيه الإعلام كي يستثمر شغف الناس بأشكال الخلاف، وبالسعي لجعل الفنان حالة مستباحة يمكن جرها إلى مواقف تستنزف الضيف لأبعد الحدود.

أي فنان لديه تلك “الخيالات المركبة” التي تتيح لإبداعه الانطلاق خارج المعتاد، وتجعله صاحب رؤيا تمنحه لونا خارج الطيف الضوئي، ولكن عندما نسعى لجعل تلك الرؤيا بازارا إعلاميا فمن الطبيعي أن يصبح الفنان في دائرة الاتهام، فشغفه يصعب وضعه في جملة على الهواء يتلقفها المستمع وتتناقلها المواقف، ففي النهاية هناك رغبة في جعل المبدعين في دائرة الاتهام، والدخول في نزاع مع نجوميتهم لإثبات أنهم لا يختلفون عن باقي أفراد المجتمع إلا بالفرصة التي منحت لهم.

في مقابلات الفنان عباس النوري هناك رغبة في النزاع مع الفن عبر إدخاله متاهات خطرة ليس على الفنان، بل على مسألة الإبداع عبر وضعها في دائرة الشكل والجدل العقيم، فهناك الكثير من المساحات التي يمكن أن يملأها المُبدع دون الحاجة للخوض بأزمات يتعامل معها الفنان بالفن وليس بكلمات سريعة، فكل أشكال الفنون هي لغات خاصة لا يمكن حشرها ضمن لقاء إذاعي أو تلفزيوني سريع.

هناك من يحسد الفنان على “خيالاته المركبة” أو يتمنى استدراجه لموقع يصبح فيه مثل أي محلل سياسي، فكم اللقاءات التي تحاول محاكمة الفنان أكثر من أن تحصى، وهي محاكمات لآراء أو أفكار، وفي النهاية يصبح الفنان رمزا للجدل بدلا من النظر إلى شكل الإبداع وألوانه وربما محاولة وضعه منارة أمام الأجيال.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version